حكم النصيحة والترغيب فيها في الاسلام!

حكم النصيحة في الإسلام

حكم النصيحة هو ما سيكون محور مقالنا لهذا اليوم، وفيه سنرى حكم الإسلام في هذه الخصلة الحميدة الطيبة، وما قيل فيها من أهل الشرع.

فلنتابع حكم النصيحة في الإسلام.

 

حكم النصيحة في الإسلام 

النصيحة واجبةٌ باتفاق العلماء، واختلفوا في نوع فرضيتها، أي اختلفوا حول ما إن كانت فرض عين أم فرض كفاية.

تفصيل حكم النصيحة 

قبل الدخول في تفصيل حكم النصيحة، لابدّ من عرض التعريف الاصطلاحي للنصيحة.[1]ابن حجر، فتح الباري، الجزء 1، الصفحة 138 [2]ينظر كذلك: التعريفات، الصفحة 241

النصيحة هي كلمة جامعة تعني حيازة الحظ للمنصوح له.  وعرّفها الجرجاني بقوله:

“النصح هو إخلاص العمل عن شوائب الفساد. والنصيحة: هي الدعاء إلى ما فيه الصلاح، والنهي عما فيه الفساد”

وقد اتّفق علماء الإسلام على أن حكم النصيحة هو الوجوب، واختلفوا في نوع هذا الوجوب، حيث ذكر بعضهم أن النصيحة فرض عين (أي واجبٌ على كل مسلم ومسلمة) وذكر بعضهم أنها فقط فرض كفاية ( أي تسقط على الجماعة إذا أدّاها فرد منهم أو مجموعة أفراد). [3]عبد العزيز المسعود، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الجزء 1، الصفحة 224

والدليل على الوجوب في حكم النَّصِيحَة قول النبي صلى الله عليه وسلم:

(الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ) [4]الراوي: تميم الداري، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 55، خلاصة حكم المحدث: صحيح

وفي حديث آخر، جاء عن جرير رضي الله عنه أنه قال:

(بَايَعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى إقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ) [5]الراوي: جرير بن عبدالله، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 57، خلاصة حكم المحدث: صحيح

وقال الإمام ابن مفلح:

“ظاهر كلام أحمد والأصحاب وجوب النصح للمسلم، وإن لم يسأله ذلك كما هو ظاهر الأخبار” [6]ابن مفلح، الآداب الشرعية، الجزء 1، الصفحة 291

وقال الشيخ ابن بطال:

“النَّصِيحَة فرض يجزئ فيه من قام به، ويسقط عن الباقين. قال: والنَّصِيحَة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه، ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة”[7]ابن بطال، شرح صحيح البخاري، الجزء 1، الصفحة 129

اقرأ أيضاً: حكم التمائم في الإسلام. 

الترغيب في إسداء النصح 

جاءت مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة بهدف الترغيب في النصيحة، وسنعرض بعضاً منها.

قال الله تعالى حكايةً عن سيدنا نوح عليه السلام:

(قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [8]سورة الأعراف، الآية 61-62

ومعنى الآية هو أن وظيفة نوح هي التبليغ على وجه النَّصِيحَة للقوم والشفقة عليهم. [9]السعدي، تيسير الكريم الرحمن، الصفحة 292

وفي آية أخرى قال سبحانه وتعالى حكايةً عن النبي هود عليه السلام:

(قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) [10]سورة الأعراف، الآية: 67-68

وفي الأحاديثِ النّبويةِ الشريفة، جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(حَقُّ المسلِمِ على المسلِمِ ستٌ : إذا لقيتَهُ فَسلِّمْ علَيهِ ، و إذا دَعاكَ فأجِبْهُ ، و إذا استنصَحَكَ فانصَحْ لهُ ، وإذا عَطسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ ، و إذا مَرِضَ فَعُدْهُ ، و إذا ماتَ فاتْبَعْهُ) [11]الراوي: أبو هريرة، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 3151، خلاصة حكم المحدث: صحيح

وهو حديث يبين أن من حق المسلم على المسلم إسداء النصح له (فانصح له).

شاهد أيضاً: حكم تقبيل المصحف. 

الفرق بين النصيحة والتعيير

بعد أن فصّلنا في حكم النصيحة في الإسلام، وجب التفريق بين أمرين لا يفصل بينهما إلا خيط رفيع، رفيع جداً، وهما النصيحة والتعيير.

حيث أن بينهما تلامسات كثيرة بالقدر الذي يصعب معه أحيانا التمييز بينهما، فكم من شخص نوى إسداء النصيحة فسقط ضحيةً للفضيحة!

فما الفرق بين النّصيحة والتعيير؟

الفرق بين النصيحة والتعيير هو أنهما (النصيحة والتعيير) يشتركان ويتفقان في أنهما معا فيهما تذكير للإنسان بما لا يجب ذكره، أي أنهما معاً قولُ كلامٍ لشخصٍ لا يحب سماع هذا الكلام.

ولكنهما يختلفان في كون النصيحة فيها مصلحةٌ للمنصوح أو لعامة أو خاصة المسلمين، بينما التعيير لا مصلحة فيه لأحد، والمقصود منه هو فقط الذم والعيب، وتبيان السوء وإظهاره وإشاعته، وإن تغلف بغلاف النصح وحبّ الخير. [12]ابن رجب، الفرق بين النَّصِيحَة والتعيير، (7-22)

ختام القول في حكم النصيحة في الإسلام أن المسلم يجب عليه أن يكون حكيماً في كل تصرفاته، وأن يحرص قدر الإمكان على إسداء النصح وتقويم الاعوجاج، وكذا أن يعرف كيف يعطي هذه النصيحة كي لا يسقط في فخ التعيير، وكي يتلقاها المنصوح بقلب صافٍ ويتقبلها ليحدث التغيير، حيث أن أسلوب النصيحة أهم من النصيحة في حد ذاتها، وإذا لم يتم إعطاؤها بالشكل المناسب فإنها ستصبح سبباً في العداوة وإشاعة البغضاء والمكابرة والتمادي في الخطأ.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

طالع كذلك: حكم الصيام دون نية.

ـــ ولمتابعة صفحتنا الرسمية عبر فايسبوك: اضغط هنا ــــ

دين – مرجعي:

مرجعي: مرجعك الديني

المصادر

المصادر
1 ابن حجر، فتح الباري، الجزء 1، الصفحة 138
2 ينظر كذلك: التعريفات، الصفحة 241
3 عبد العزيز المسعود، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الجزء 1، الصفحة 224
4 الراوي: تميم الداري، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 55، خلاصة حكم المحدث: صحيح
5 الراوي: جرير بن عبدالله، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 57، خلاصة حكم المحدث: صحيح
6 ابن مفلح، الآداب الشرعية، الجزء 1، الصفحة 291
7 ابن بطال، شرح صحيح البخاري، الجزء 1، الصفحة 129
8 سورة الأعراف، الآية 61-62
9 السعدي، تيسير الكريم الرحمن، الصفحة 292
10 سورة الأعراف، الآية: 67-68
11 الراوي: أبو هريرة، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 3151، خلاصة حكم المحدث: صحيح
12 ابن رجب، الفرق بين النَّصِيحَة والتعيير، (7-22)
Exit mobile version