هل يجوز الرجوع في الصدقة بعد إخراجها؟

حكم الرجوع عن الصدقة

الرجوع في الصدقة أمرٌ مؤسف وشائع يقوم به بعض ضعاف الإيمان إشباعاً لغرائزهم الأنانية، بحيث أنّ بعض الناس قد يتصدق ثم بسبب مشكل ما يقوم بالرجوع في هذه الصدقة وإلغائها واسترداد ما تصدق به!

فما حكم ذلك؟ وما قول الشرك في الرجوع عن الصدقة؟

 

حكم الرجوع في الصدقة 

الرجوع عن الصدقة لا يجوز، وقد نهى الإسلام أشد النهي عن ذلك، وهذا بإجماع الفقهاء وبصريح حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

تفصيل الرجوع عن الصدقة في الإسلام

رأينا في مقال سابق حكم الصدقة في الإسلام وفضلها، وتوقفنا عند مدى أهميتها دينياً واجتماعياً، لذلك وجب الحديث عن حكم الرجوع في الصدقة ومكانة هذا الفعل المذموم في الإسلام.

لا يجوز على الإطلاق الرجوع في الصدقة بعد إخراجها، وذلك بنصّ الحديث النبوي الشريف وبإجماع أهل العلم، حيث أن الصدقة بعد إخراجها تتحول من ملكية المتصدِّق إلى ملكية المصدّق له بشرع الله، ولا يجوز الرجوع عن ذلك.[1]البقاعي، كفاية الطالب الرباني، الجزء 2، الصفحة 333

قال الإمام ابنُ حزم:

“اتَّفقوا أنَّ أخذَ المتصدِّقِ بِغَيرِ حقٍّ ما تصدَّقَ به بعد أنْ قبَضَه المتصدَّقُ عليه؛ حرامٌ” [2]ابن حزم، مراتب الإجماع، الصفحة: 97

وقال ابنُ حجر العسقلاني:

“أمَّا الصَّدقةُ فاتَّفقوا على أنَّه لا يجوزُ الرُّجوعُ فيها بعد القَبضِ”[3]ابن حجر، فتح الباري، الجزء 5، الصفحة 235

وبذلك فلا يجوز للمسلم الرجوع في الصدقة بعد إخراجها، بل يجب عليه أن يكون راضياً تمام الرضاً بإنقاقه لبعض ماله ابتغاء وجه الله.

اقرأ أيضاً: حكم صيام يوم الشك

الأدلة في حكم الرجوع في الصدقة

نهى الإسلام نهيا تاماً عن الرجوع في الصدقة بعد إخراجها، وفي أدلة النهي هناك مجموعة من أحاديث خير البرية.

فعن ابن عباس رضوان الله عليهما، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:

“مثل الذي يرجع في صدقته، كمثل الكلب يقيء، ثم يعود في قيئه فيأكله” [4]الراوي: عبد الله بن عباس، المحدث: البخاري، في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 2622، صحيح

وهذا التشبيه البليغ، وما يحمله من صورةٍ ينفر منها خيال الإنسان توضح بما لا شك فيه وضع من يتراجع عن صدقته بعد إخراجها.

وفي حديث آخر، جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:

“أن عمر بن الخطاب تصدق بفرس في سبيل الله، فوجده يباع، فأراد أن يشتريه، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأمره، فقال: لا تعد في صدقتك. فبذلك كان ابن عمر رضي الله عنهما، لا يترك أن يبتاع شيئا تصدق به، إلا جعله صدقة” [5]الراوي: عبد الله بن عمر، المحدث: البخاري، في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 1489، صحيح

وهذا الحديث هو حديث صريح وواضح بالنهي عن الرجوع في الصدقة بعد التصدق بها لوجه الله.

وجاء النهي أيضاً في الآثار، حيث أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:

” من وهب هبة لصلة رحم، أو على وجه صدقة، فإنه لا يرجع فيها”[6]رواه مالك في الموطأ، (4/1091) (2790)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار  (13/ 32)، والبيهقي (6/182) (12386)

إذن فالمسلم يجب عليه الإكثار من الصدقات قدر الاستطاعة، ولكن الأهم هو أنه وجب عليه عدم الرجوع في الصدقة بعد إخراجها، فإذا كان الإنسان معذوراً في عدم إخراج الصدقة فإنه لا يكون كذلك في العودة والرجوع عنها.

ويمكنكم الاطلاع على تفصيل حكم إخراج الصدقة وفضلها عبر هذه المقالة: حكم وفضل صدقة التطوع.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

شاهد كذلك: الحلف بغير الله

ـــ ولمتابعة صفحتنا الرسمية عبر فايسبوك: اضغط هنا ــــ

دين – مرجعي:

مرجعي: مرجعك الديني

المصادر

المصادر
1 البقاعي، كفاية الطالب الرباني، الجزء 2، الصفحة 333
2 ابن حزم، مراتب الإجماع، الصفحة: 97
3 ابن حجر، فتح الباري، الجزء 5، الصفحة 235
4 الراوي: عبد الله بن عباس، المحدث: البخاري، في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 2622، صحيح
5 الراوي: عبد الله بن عمر، المحدث: البخاري، في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 1489، صحيح
6 رواه مالك في الموطأ، (4/1091) (2790)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار  (13/ 32)، والبيهقي (6/182) (12386)
Exit mobile version