هل يجوز المسح على الخفين أو الجوارب؟

حكم المسح على الخفين والجواب

المسح على الخفين والجوارب حلٌّ يلجأ إليه بعض الناس حينما يتعذر عليهم إيصال ماء الوضوء إلى أرجلهم، فما قول الشرع في ذلك؟ وهل يجوز؟ وهل يصحّ بذلك وضوء الفاعل؟

فلنتابع أجوبة هذه الأسئلة.

 

حكم المسح على الخفين 

يجوز شرعاً المسح على الخفين، والوضوء به يظل سليما ومقبولاً، ونفس الشيء بالنسبة للمسح على الجوارب.

تفصيل المسح على الخفين 

بإجماع أهل العلم يجوز للمسلم والمسلمة المسح على الخفين، وهو ما عليه أغلب كبار فقهاء الأمة.

قال ابن المُنذِر:

“أجمع كلُّ مَن نحفَظُ عنه من أهل العلم وكلُّ مَن لَقِيتُ منهم على القَولِ به” [1]ابن المنذر، الأوسط، الجزء 2،الصفحة 82

وقال ابن عبد البَرِّ:

“عَمِل بالمسحِ على الخفَّين أبو بكر وعُمرُ وعثمان وعليٌّ، وسائِرُ أهل بدر والحديبيَّة، وغيرُهم من المهاجرين والأنصار، وسائرُ الصَّحابة والتابعين أجمعين، وفقهاء المسلمين في جميعِ الأمصار، وجماعةُ أهل الفقه والأثر كلُّهم يُجيز المسحَ على الخفَّين في الحضَر والسَّفر للرِّجال والنِّساء”[2]ابن عبد البر، التمهيد، الجزء 11، الصفحة 137

وقال الإمام البغويُّ:

” أمَّا المسح على الخُفَّين، فجائزٌ عند عامَّة أهلِ العِلمِ مِن الصَّحابة فمَن بعدهم”[3]البغوي، شرح السنة، الجزء 1، الصفحة 454

وقال الإمام ابن قدامة:

” المسحُ على الخفَّين جائزٌ عند عامَّة أهل العلم” [4]ابن قدامة، المغني، الجزء 1، الصفحة 206

وقال النوويُّ:

“أجمع مَن يُعتدُّ به في الإجماعِ على جوازِ المَسحِ على الخُفَّين في السَّفَر والحضر، سواء كان لحاجة أو لغيرها، حتى يجوزَ للمرأةِ الملازِمة بيتَها، والزَّمِنِ الذي لا يمشي، وإنَّما أنكرتْه الشِّيعةُ والخوارجُ، ولا يُعتدُّ بخلافِهم” [5]النووي، شرح النووي على صحيح مسلم، الجزء 3، الصفحة 164

شاهد أيضاً: حكم تقبيل المصحف 

الأدلة حول المسح على الخفين 

يستند علماء الإسلام في القول بجواز المسح على الخفين على عددٍ من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.

يقولُ الله تعالى:

(فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [6]سورة المائدة، الآية: 6

ويقول أهل العلم أن قوله تعالى في هذه الآية (وَأَرْجُلَكُمْ) جاءت معطوفةً على قوله عز وجل: (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ)، فهي إذن تدخُل ضِمن الممسوحِ حينما تكونُ مستورةً بالخفِّ وما شابهه، كما بيَّنت السُّنَّة ذلك.

وفي دليل آخر، جاء عنِ المغيرة بن شُعبة رضوان الله عليه:

” كنتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفرٍ، فأهويتُ لِأنزعَ خُفَّيه، فقال: دَعْهما؛ فإنِّي أدخلتُهما طاهرتينِ، فمَسَح عليهما” [7]الراوي: المغيرة بن شعبة، المحدث: النووي، في الخلاصة، الصفحة أو الرقم: 1/127، صحيح

وعن همَّام بن الحارث قال:

“رأيتُ جرير بن عبد الله تبول، ثمَّ توضَّأ ومسَح على خفَّيه، ثم قام فصلَّى، فسُئِل، فقال: رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَنَع مِثلَ هذا”[8]الراوي: جرير بن عبدالله، المحدث: البخاري، في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 387، صحيح

وعن حُذَيفةَ رضوان الله عليه أنه قال:

“كنتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فانتهى إلى سُباطةِ قَومٍ، فبال قائمًا، فتنحَّيْتُ فقال: ادْنُه، فدنوتُ، حتَّى قمتُ عند عَقبَيهِ، فتوضَّأ فمَسح على خفَّيه” [9]الراوي: حذيفة بن اليمان، المحدث: مسلم، في صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 273، صحيح

وبه فالقيام بالمسح على الخفين يجوز بنص الشرع، وفاعله يكون وضوءه صحيحاً ومقبولاً.

اقرأ أيضاً: حكم التمائم في الإسلام

حكم المسح على الجوارب

بإجماع فقهاء الأمة، يجوزُ المسح على الجوارب في الوضوء، تتبعاً لعمل الصحابة الكرام. وهذا الرأي هو قول المذهب الشَّافعي[10]الإمام النووي، المجموع، (1/499) — المارودي، الحاوي الكبير، (1/364) ، و فقهاء المذهب الحنبلي[11]البهوتي، كشاف القناع، الجزء 1، الصفحة 124-125، وإليه رجع أبو حنيفة في فترة مرضه[12]السرخسي، المبسوط، (1/96) — الكاساني، بدائع الصنائع، (1/10) .

وقد قال الإمام ابنُ باز في جوابه حول هذا الموضوع:

“يجوزُ المَسحُ على الجوربين، وهما: ما يُنسَجُ لِسَترِ القدَمينِ من قُطنٍ أو صوفٍ أو غيرهما، كالخفَّين في أصحِّ قولَي العلماء؛ لأنَّه قد ثبَت عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه (مسح على الجَوربينِ والنَّعلين)، وثبَت ذلك عن جماعةٍ من أصحاب النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَضِيَ اللهُ عنهم؛ ولأنَّهما في معنى الخفَّينِ في حُصولِ الارتفاقِ بهما”[13]ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز، (10/112)، الموقع الرسمي لفضيلة الإمام ابن باز

ويقول ابنُ عثيمين في نفس السياق:

“القول الراجح: أنَّه يجوزُ المسحُ على الجَوربِ المخرَّقِ، والجوربِ الخفيف الذي تُرى من ورائِه البَشَرة؛ لأنَّه ليس المقصودُ مِن جواز المسحِ على الجورَبِ ونحوه أن يكون ساترًا” [14]ابن عثيمين، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، (11/167)

والله تعالى أعلى وأعلم.

شاهد أيضاً: حكم تقبيل المصحف 

دين – مرجعي:

مرجعي: مرجعك الديني

المصادر

المصادر
1 ابن المنذر، الأوسط، الجزء 2،الصفحة 82
2 ابن عبد البر، التمهيد، الجزء 11، الصفحة 137
3 البغوي، شرح السنة، الجزء 1، الصفحة 454
4 ابن قدامة، المغني، الجزء 1، الصفحة 206
5 النووي، شرح النووي على صحيح مسلم، الجزء 3، الصفحة 164
6 سورة المائدة، الآية: 6
7 الراوي: المغيرة بن شعبة، المحدث: النووي، في الخلاصة، الصفحة أو الرقم: 1/127، صحيح
8 الراوي: جرير بن عبدالله، المحدث: البخاري، في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 387، صحيح
9 الراوي: حذيفة بن اليمان، المحدث: مسلم، في صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 273، صحيح
10 الإمام النووي، المجموع، (1/499) — المارودي، الحاوي الكبير، (1/364)
11 البهوتي، كشاف القناع، الجزء 1، الصفحة 124-125
12 السرخسي، المبسوط، (1/96) — الكاساني، بدائع الصنائع، (1/10)
13 ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز، (10/112)، الموقع الرسمي لفضيلة الإمام ابن باز
14 ابن عثيمين، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، (11/167)
Exit mobile version