حكم الطلاق في الاسلام وفي الحياة عموماً هو الوجه المقابل للزواج، وهو خيار يكون عند استحالة استمرار عيش الطرفين في بيت واحد، وأيضاً عند اختلاف وجهات النظر اختلافاً كلياً. فما حكم الطلاق في الاسلام؟
كما يمكنكم أيضاً معرفة: حكم الحلف بالطلاق.
حكم الطلاق في الاسلام
الطلاق في الاسلام مشروعٌ للضرورة، ومكروه إذا تم دون حاجةٍ ودون سببٍ.
تفصيل حكم الطلاق في الاسلام
باتفاق علماء الأمة، الطَّلاقُ مكروه لو تم مِن غيرِ حاجةٍ، وهو ما قال به الشافعية [1]الشربيني، مغني المحتاج، الجزء 3، الصفحة 307 والحنابلة[2]المرداوي، الإنصاف، الجزء 8، الصفحة 317 والمالكية[3]ابن عرفة، المختصر الفقهي، الجزء 4، الصفحة 89، وما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
يقول الإمام الشوكاني في هذا الموضوع:
“أمَّا جوازُ الطَّلاقِ فبِنَصِّ الكتاب العزيز، ومتواتِرِ السُّنَّةِ المطَهَّرةِ، وإجماعِ المسلمين، وهو قطعيٌّ مِن قطعيَّاتِ الشَّريعةِ، ولكِنَّه يُكرَهُ مع عدمِ الحاجةِ” [4]الشوكاني، الدراري المضية، الجزء 2، الصفحة 221
وجاء في كلام الإمام ابن باز:
“يُكرَهُ الطلاقُ إذا كان من غير حاجةٍ، وبلا أسبابٍ، فيُكرَهُ”[5]ابن باز، الإفهام في شرح عمدة الأحكام، الصفحة 637
أما ابن عثيمين فقد قال:
” الأصلُ في الطَّلاقِ الكراهةُ، ولكِنَّه قد يُستحَبُّ، وقد يجِبُ، وقد يَحرُمُ، وقد يُباحُ، فتَجري فيه الأحكامُ الخمسةُ، لكِنَّ الأصلَ فيه الكراهةُ” [6]ابن عثيمين، الشرح الممتع على زاد المستقنع، (15/214)، الموقع الرسمي لفضيلة الامام ابن عثيمين.
فالطلاق بدون سبب لا شكّ أن فيه ضرراً نفسياً ومادياً على الطرفين، كما أن فيه خرقاً لرسالة البشر وهي إعمار الأرض، والأنكى هو أن فيه ضررٌ على الأبناء وعلى تربيتهم السليمة ونشأتهم السوية، وما قد يترتب على ذلك من عقد نفسية لديهم، مما يعني الإضرار بالمجتمع عامةً.
الأدلة في الطلاق في الاسلام
يستند الفقهاء في تبني كراهة الطلاق في الاسلام على مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
يقول الله تعالى في محكم تنزيله:
(وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) [7]سورة الروم، الآية 21
ويقول أهل العلم أن هذه الآية الكريمة تشير إلى أن الزواج نعمة من نعم الله والأصل في النعم حِفظها، وبه فالطلاق بدون سببٍ كُفران وجحود بالنعمة.
ويقول عز وجل في آية أخرى:
(وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [8]سورة البقرة، الآية 227
ووَجهُ الدَّلالةِ في هذه الآية أنها تحمل صيغة التهديد غير المباشر، ومنه يُفهم أن الطلاق مكروه وغير محبوب.
وفي آية أخرى حثّ الله تعالى عبادة على عدم طلب فراق الزوجة المطيعة، حيث قال جلّ وعلا مقامه:
( فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا) [9]سورة النساء، الآية 34
أما في الأحاديثِ النبوية الشريفة التي جاءت فيها كراهة الطلاق في الإسلام، فإننا نجد:
قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
“أيُّما امرأةٍ سألت زَوجَها طَلاقًا في غيرِ ما بأسٍ، فحَرامٌ عليها رائِحةُ الجنَّةِ” [10]الراوي: ثوبان مولى النبي، المحدث: الألباني، في صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 2226، صحيح
وفي الحديث يتضح جلياً منع الطلاق الذي يكون بدون سبب.[11]المظهري، المفاتيح في شرح المصابيح، الجزء 4، الصفحة 99
وفي حديث آخر، قال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
“إنَّ المرأةَ خُلِقَت مِن ضِلَعٍ، لن تستقيمَ لك على طريقةٍ، فإن استمتَعْتَ بها استمتَعْتَ بها وبها عِوَجٌ، وإن ذهَبْتَ تُقيمُها كسَرْتَها، وكَسرُها طَلاقُها” [12]الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، في صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1468، صحيح
وهذا الحديث فيه حثّ على الصبر على النساء وعدم كسرهن (الكسر = الطلاق).
كما نجد كذلك في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:
“إنَّ إبليسَ يضَعُ عَرشَه على الماءِ، ثمَّ يَبعَثُ سَراياه، فأدناهم منه منزلةً أعظَمُهم فتنةً؛ يجيءُ أحَدُهم فيقولُ: فعلتُ كذا وكذا، فيقولُ: ما صنَعْتَ شَيئًا! قال: ثمَّ يجيءُ أحَدُهم فيقولُ: ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأتِه. قال: فيُدنيه منه، ويقولُ: نِعْمَ أنت! “[13]الراوي: جابر بن عبد الله، المحدث: الألباني، في صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1526، صحيح
ويقول أهل الفقه أن هذا الحديث يعني أن الطلاق هو طاعة للشيطان واستسلام له، ويبين حرص الشيطان على التسبب فيه لما فيه من فتنة وقدرة على التسلل بسهولة إلى المرأة بعد الطلاق وإلى الرجل أيضاً وكذا إلى الأبناء. [14]ابن القيم، إغاثة اللهفان، الجزء 1، الصفحة 280
ولهذه الأسباب قد جاء حكم الطلاق في الاسلام مقترنا بالكراهة إذا كان من دون سبب قوي ومقنع، وحرص الدين الكريم على حث الطرفين على الصبر وبذل المجهود لإنجاح العلاقة ونصرة الإسلام والمجتمع بتفريخ أبناء صالحين يكونون عماداً للدين وعاملاً لنصرة الأمة.
ونسأل الله العلي العظيم أن يوفق الجميع لما فيه خير، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
اقرأ أيضاً: حكم ضرب الزوجة.
ـــ ولمتابعة صفحتنا الرسمية عبر فايسبوك: اضغط هنا ــــ
دين – مرجعي:
المصادر
↑1 | الشربيني، مغني المحتاج، الجزء 3، الصفحة 307 |
---|---|
↑2 | المرداوي، الإنصاف، الجزء 8، الصفحة 317 |
↑3 | ابن عرفة، المختصر الفقهي، الجزء 4، الصفحة 89 |
↑4 | الشوكاني، الدراري المضية، الجزء 2، الصفحة 221 |
↑5 | ابن باز، الإفهام في شرح عمدة الأحكام، الصفحة 637 |
↑6 | ابن عثيمين، الشرح الممتع على زاد المستقنع، (15/214)، الموقع الرسمي لفضيلة الامام ابن عثيمين |
↑7 | سورة الروم، الآية 21 |
↑8 | سورة البقرة، الآية 227 |
↑9 | سورة النساء، الآية 34 |
↑10 | الراوي: ثوبان مولى النبي، المحدث: الألباني، في صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 2226، صحيح |
↑11 | المظهري، المفاتيح في شرح المصابيح، الجزء 4، الصفحة 99 |
↑12 | الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، في صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1468، صحيح |
↑13 | الراوي: جابر بن عبد الله، المحدث: الألباني، في صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1526، صحيح |
↑14 | ابن القيم، إغاثة اللهفان، الجزء 1، الصفحة 280 |