حكم الأسهم المختلطة التي تجمع بين الحلال والمشبوه

حكم الأسهم المختلطة

الأسهم المختلطة هي أسهم الشركات التي تزاول نشاطات في ظاهرها حلال لكنها تتضمن تعاملات محرمة شرعاً، كالمؤسسات التي تتعامل بالفوائد الربوية، أو إعطاء القروض بفائدة، أو تقوم بإبرام عقود فاسدة ونحو ذلك.

فما حكم بيع وشراء هذا النوع من الأسهم؟

 

حكم الأسهم المختلطة

ما عليه علماء الإسلام هو عدم جواز البيع والشراء في الأسهم المختلطة، واعتبروا ذلك حراماً شرعاً.

تفصيل الأسهم المختلطة

باتفاق أهل العلم، لا يجوز شرعاً الاتّجار في الأسهم المختلطة، ولا يجوز التعامل بها.

وبهذا الرأي قد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وبه أخذ المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، كما أن اللجنة الدائمة في السعودية أفتت بهذا القول، وهو أيضاً قول الإمامَين ابن باز وابن عثيمين.

علماً أنه يجوز البيع والشراء في أسهم الشركات التي تزاول نشاطات حلال، وهو ما تم تفصيله في هذه المقالة: حكم الاتّجار في أسهم الشركات.

وعودةً إلى الأسهم المختلطة، جاء بين قَرارات مَجمع الفقه الإسلامي ما يلي:

“الأصلُ حُرمةُ الإسهامِ في شَركاتٍ تَتعامَلُ أحيانًا بالمحرَّماتِ، كالرِّبا ونحوِه، بالرَّغمِ مِن أنَّ أنشِطَتَها الأساسيَّةَ مَشروعةٌ” [1]مجلة مجمع الفِقه الإسلامي، العدد السابع، (1/712)

وكذلك جاء في قَرارات المَجمع الفقهي الإسلاميِّ التَّابعِ لرابطة العالم الإسلامي ما يلي:

” لا يَجوزُ لمسلمٍ شِراءُ أسهُمِ الشَّركاتِ والمصارفِ إذا كان في بعضِ مُعاملاتِها رِبًا، وكان المُشْتري عالِمًا بذلك. إذا اشْتَرى شَخصٌ وهو لا يَعلَمُ أنَّ الشَّركةَ تَتعامَلُ بالرِّبا ثمَّ عَلِمَ، فالواجِبُ عليه الخروجُ منها” [2]قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، القرار (رقم: 78، (4/14)، الصفحة 329

وفي فَتوى اللَّجنة الدائمة جاء:

” تَجوزُ المساهَمةُ في الشَّركاتِ الَّتي تُتاجِرُ في الحلالِ، بتَنميةِ أموالِها وأموالِ مُساهمِيها عن طَريقِ الاستثماراتِ الشَّرعيَّةِ، والواجبُ على المسْلمِ في هذا أنْ يَسألَ ويَحتاطَ عن نَشاطِ أيٍّ مِن الشَّركاتِ، فإنْ وَجَدَها على ما ذُكِرَ ساهَمَ فيها، وإلَّا ترَكَها” [3]فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى، (14/301)

وجاء فيها أيضاً في موضع آخر:

“وضْعُ الأموالِ في بُنوكٍ برِبحٍ حَرامٌ، والشَّركاتُ الَّتي تضَعُ فائِضَ أموالِها في البنوكِ برِبحٍ، لا يَجوزُ الاشتراكُ فيها لِمَن عَلِم ذلك” [4]فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى، (13/407)

وحين سُئل الإمام ابن باز عن حُكم الأسهم المختلطة، فصّل في كلامه بالجواب:

” أمَّا البنوكُ الإسلاميَّةُ الَّتي لا تُعامِلُ بالرِّبا، فلا بأْسَ بالاشتراكِ فيها والتَّعاوُنِ معها؛ لأنَّه تَعاونٌ على البِرِّ والتَّقوى، فيَنْبغي للمؤمنينَ أنْ يَحذَروا هذه الأشياءَ الَّتي حرَّمَ اللهُ عليهم؛ فالتَّعامُلُ مع البنوكِ الرِّبويَّةِ ممَّا لا يَرْضاه اللهُ سُبْحانَه، بلْ لا يَجوزُ ذلك، سواءٌ كان التَّعاوُنُ بالكتابةِ، أو الوظيفةِ، أو التَّعاوُنُ بالمساهَمةِ فيها وبذْلِ المالِ فيها والمشارَكةِ؛ كُلُّ هذا لا يَجوزُ” [5]ابن باز، حكم الأسهم، الموقع الرسمي لفضيلة الإمام ابن باز

وفي جواب آخر على سؤالٍ في نفس الموضوع قال:

” إذا كان ما فيها رِبًا، لا بأْسَ، إذا كان أسهُمٌ في حَديدٍ، في بناءٍ، في أراضٍ، في سيَّاراتٍ؛ لا بأْسَ، أمَّا الرِّبَا فلا. س: الأسهُمُ الَّتي تُتداوَلُ في البنوكِ؟ ج: البنوكُ لا، ما يَصلُحُ، أمَّا أسهُمٌ ما فيها رِبًا، فالحمدُ للهِ، شَركاتٌ يَشترِكون في أراضٍ، في سيَّاراتٍ، في مُعِدَّاتٍ، في مَلابسَ؛ لا بأْسَ” [6]ابن باز، الأسهم وحكمها في الإسلام، الموقع الرسمي لفضيلة الإمام ابن باز.

أما الإمام الجليل ابنُ عُثَيمين فقد جاء في فتواه حول حكم الأسهم المختلطة:

“وَضْعُ الأسهُمِ في الشَّركاتِ فيه نظَرٌ؛ لأنَّنا سَمِعْنا أنَّهم يَضَعون فُلوسَهم لَدى بُنوكٍ أجْنبيَّةٍ أو شِبهِ أجْنَبيَّةٍ، ويَأخُذون عليها أرباحًا، وهذا مِن الرِّبا، فإنْ صحَّ ذلك فإنَّ وضْعَ الأسْهُمِ فيها حَرامٌ، ومِن كِبائرِ الذُّنوبِ؛ لأنَّ الرِّبا مِن أعظَمِ الكبائرِ، أمَّا إنْ كانت خاليةً مِن هذا، فإنَّ وضْعَ الأسهُمِ فيها حلالٌ إذا لم يكُنْ هناك مَحذورٌ شَرعيٌّ آخَرُ” [7]ابن عثيمين، مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين، (18/196)

شاهد كذلك: الحلف بغير الله

الأدلة في الأسهم المختلطة

يعتمد فقهاء الإسلام في القول بتحريم الأسهم المختلطة على مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكذا بعض الأدلة بالقياس.

ومن بين الأدلة التي يستند إليها العلماء، هناك قوله تعالى:

( وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [8]سورة المائدة، الآية: 2

ويقول الفقهاء أن البيع والشراء في الأسهم المختلطة هو ضرب من ضروب المساهمة والتعاون في الإثم والعدوان.

والدليل الثاني هو القاعدة الفقهية التي تقول أنه في حالة اجتماع الحَلال والحرام فالحرام هو الذي يُغلَّبَ احتياطًا.

والدليل الثالث هو أنَّ المالَ الحرام الذي يتم كسبه مُشاعٌ في مالِ الشَّركةِ، وهو مُلتَبِسٌ بالمال الحلال، ولا يمكن تمييزه ولا التفريق بينه وبين المال الحرام.[9]مجلة مجمع الفِقه الإسلامي، العدد السابع، (1/420)، بتصرف

إذن فمن باب الاحتياط والخروج من كل الشبهات، يجب على المسلم أن لا يتاجر في أسهم الشركات التي تزاول نشاطات بعضها حلال وبعضها الآخر حرام، وأن يقتصر فقط على التجارة في الأسهم الحلال.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

اقرأ أيضاً: حكم صيام يوم الشك

ـــ ولمتابعة صفحتنا الرسمية عبر فايسبوك: اضغط هنا ــــ

دين – مرجعي:

مرجعي: مرجعك الديني

المصادر

المصادر
1 مجلة مجمع الفِقه الإسلامي، العدد السابع، (1/712)
2 قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، القرار (رقم: 78، (4/14)، الصفحة 329
3 فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى، (14/301)
4 فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى، (13/407)
5 ابن باز، حكم الأسهم، الموقع الرسمي لفضيلة الإمام ابن باز
6 ابن باز، الأسهم وحكمها في الإسلام، الموقع الرسمي لفضيلة الإمام ابن باز
7 ابن عثيمين، مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين، (18/196)
8 سورة المائدة، الآية: 2
9 مجلة مجمع الفِقه الإسلامي، العدد السابع، (1/420)، بتصرف
Exit mobile version