من هو الأجدر والاحق بالحضانة؟

هل الحضانة تكون للأم أم للأب؟

 الاحق بالحضانة موضوع يكثر عليه النقاش، لذلك مقال اليوم سيكون فيه تفصيل قول الشريعة في الرد على سؤال: من الاحق بالحضانة؟ هل الأب أو الأم، وسنعرض بالموازاة مع ذلك ما يثبت هذا القول من أدلة.

فلنتابع التفاصيل…

 

من الاحق بالحضانة ؟

الاحق بالحضانة بإجماع أهل العلم هو الأم من باب أَولَى. 

تفصيل موضوع أحقية الحضانة 

يُجمع علماء الإسلام على أن استحقاق الحضانة يعود للأم، فبعد حدوث الطلاق تكون الأم هي الاحق بالحضانة ما لم تتزوج، وبعد بلوغ الطفل لسبع سنوات يكون له حق اختيار أيٍّ من الطرفين يريد أن يستمر في العيش معه، سواءً الأم أو الأب. 

ويمكنكم أيضاً مطالعة: حكم الطلاق في الاسلام، وحكم الحلف بالطلاق!

وسنعرض أقوال كبار أئمة الإسلام في موضوع وجواب من الاحق بالحضانة. 

قال الإمام ابنُ المنذِر:

“أجمَعَ كُلُّ من نحفَظُ عنه مِن أهلِ العِلمِ على أنَّ الزَّوجينِ إذا افتَرَقا ولهما وَلدٌ طِفلٌ: أنَّ الأمَّ أحَقُّ به ما لم تَنكِحْ” [1]ابن المنذر، الإشراف، الجزء 5، الصفحة 171

وقال الإمام الخطَّابي: 

“لم يختَلِفوا (يقصد: أهل العلم) أنَّ الأُمَّ أحَقُّ بالوَلَدِ الطِّفلِ مِنَ الأبِ ما لم تتزوَّجْ” [2]الخطابي، معالم السنن، الجزء 3، الصفحة 282

وقال ابنُ عبدِ البَرِّ:

” لا أعلَمُ خِلافًا بين السَّلَفِ مِنَ العُلَماءِ والخَلَفِ في المرأةِ المُطَلَّقةِ إذا لم تتزوَّجْ: أنَّها أحَقُّ بوَلَدِها مِن أبيه ما دام طِفلًا صَغيرًا لا يُمَيِّزُ شَيئًا، إذا كان عِندَها في حِرزٍ وكِفايةٍ، ولم يَثبُتْ منها فِسقٌ، ولم تتزوَّجْ”. [3]ابن عبد البر، الاستذكار، الجزء 7، الصفحة 290

وقال الإمام ابنُ قدامة:

” هذا قَولُ يحيى الأنصاري، والزهري، والثوري، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، ولا نعلَمُ أحدًا خالَفَهم” [4]ابن قدامة، المغني، الجزء 8، الصفحة 238

وقال ابنُ القيِّم:

“إذا افترقَ الأبوانِ وبينَهما ولَدٌ فالأمُّ أحَقُّ به مِنَ الأبِ، ما لم يقُمْ بالأمِّ ما يمنَعُ تَقديمَها، أو بالوَلَدِ وَصفٌ يقتَضي تخييرَه، وهذا ما لا يُعرَفُ فيه نِزاعٌ، وقد قضى به خليفةُ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبو بكرٍ على عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، ولم يُنكِرْ عليه مُنكِرٌ” [5]ابن القيم، زاد المعاد، الجزء 5، الصفحة 390

وقال الإمام ابنُ مفلح:

” أحَقُّ النَّاسِ بحَضانةِ الطِّفلِ والمعتوهِ (وهو المختَلُّ العَقلِ) هو أمُّه، وهذا إذا كانت حُرَّةً عاقِلةً عَدلًا في الظَّاهِرِ. ولا نعلَمُ في هذا القول خِلافًا”[6]ابن مفلح، المبدع، الجزء 8، الصفحة 200

الأدلة في استحقاق الحضانة

في أدلة إثبات أن الأم هي الأحق بالحضانة، هناك الحديث الذي جاء عن عمرو بنِ شُعَيبٍ:

” أنَّ امرأةً قالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ ابني هذا كان بَطني له وِعاءً، وثَدْيي له سِقاءً، وحِجْري له حِواءً، وإنَّ أباه طلَّقَني، وأراد أن ينتَزِعَه منِّي، فقال لها رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنتِ أحَقُّ به ما لم تَنكِحي” [7]الراوي: عبد الله بن عمرو، المحدث: الألباني، في صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 2276، حكمه حسن 

وهو حديث واضح باستحقاق الأم للحضانة. 

شاهد كذلك: الحلف بغير الله

وجاء عن القاسم بن محمد أنه قال:

” كانت عندَ عمر بن الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّه عنه امرأةٌ مِن الأنصارِ، فوَلَدَت له عاصِمَ بنَ عُمَرَ، ثمَّ إنَّه فارَقَها، فجاء عُمَرُ قُباءَ، فوجد ابنَه عاصِمًا يلعَبُ بفِناءِ المسجِدِ، فأخذ بعَضُدِه فوَضَعه بين يَدَيه على الدابَّةِ، فأدركَتْه جَدَّةُ الغُلامِ فنازَعَتْه إيَّاه، حتى أتيا أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ. فقال عُمَرُ: ابني. وقالت المرأةُ: ابني. فقال أبو بكرٍ: خَلِّ بينها وبَينَه. قال: فما راجَعَه عُمَرُ الكَلامَ”[8]أخرجه الإمام مالك في (الموطأ) (2/767) واللفظ له، والبيهقي (16183)

ويدل هذا القول بشكل صريح على أن الأم هي الاحق بالحضانة، ثم أم الأم ثم الأب. [9]القنوجي، الدرر البهية والروضة الندية، الجزء 2، الصفحة 337

 واستحقاق الأم للحضانة يعزيه الإسلام ويرده إلى كونها الأجدر بذلك، حيث أنها تتصف بالحنان والعاطفة الجياشة والأمومة التي ستجعلها حريصة على تقديم الرعاية اللازمة لهذا الابن، كما أنّها الأَوْلى باعتبارها عانت طيلة الحمل والولادة، دون نسيان أن الأب في نهاية المطاف لو حصل على الحضانة فإنه سيقوم فقط بتكليف طرف آخر للعناية بالابن بدلاً عنه، وبذلك فالأم هي الأوْلى والأجدر و الاحق بالحضانة.[10]البهوتي، كشاف القناع، الجزء 5، الصفحة 496

وبهذا القول، لا يسعنا إلا الدعاء بخالص التوفيق للجميع، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. 

اقرأ أيضاً: حكم صيام يوم الشك

ـــ ولمتابعة صفحتنا الرسمية عبر فايسبوك: اضغط هنا ــــ

دين – مرجعي:

مرجعي: مرجعك الديني

المصادر

المصادر
1 ابن المنذر، الإشراف، الجزء 5، الصفحة 171
2 الخطابي، معالم السنن، الجزء 3، الصفحة 282
3 ابن عبد البر، الاستذكار، الجزء 7، الصفحة 290
4 ابن قدامة، المغني، الجزء 8، الصفحة 238
5 ابن القيم، زاد المعاد، الجزء 5، الصفحة 390
6 ابن مفلح، المبدع، الجزء 8، الصفحة 200
7 الراوي: عبد الله بن عمرو، المحدث: الألباني، في صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 2276، حكمه حسن
8 أخرجه الإمام مالك في (الموطأ) (2/767) واللفظ له، والبيهقي (16183)
9 القنوجي، الدرر البهية والروضة الندية، الجزء 2، الصفحة 337
10 البهوتي، كشاف القناع، الجزء 5، الصفحة 496
Exit mobile version