سيرة الامام الشافعي والمذهب الشافعي
سيرة الامام الشافعي والمذهب الشافعي لا شك أنه عَلَم من أعلام الإسلام، يسمع به الصغير قبل الكبير، لكن رغم ذلك فأغلبنا يعلم عنه فقط ما قل وَشَحَّ، لذلك في هذه المقالة سنحاول معرفة الشافعي بشكل أعمق بعض الشيء، بحيث يتم عرض أهم المعطيات عن هذا الامام، لتكون للمسلم بعض الدراية بهذا الهرم الديني إن شاء الله تعالى.
جدول المحتويات
من هو الامام الشافعي؟
اسمه محمَّد بن دريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن يزيد بن هاشم بن المطلب إلى أن يلتقي نسبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في عبد مناف بن قصي، [1]ابن عبد البر، الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، الصفحة 66.
وُلد الامام الشَّافعي رحمه الله سنة 150 للهجرة، وذلك بمدينة غزة في فلسطين، وقد ولد في العام الذي توفي فيه الإمام ابو حنيفة رحمة الله تعالى عليه[2]ابن عبد البر، الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، الصفحـة 67.
عاش الامام الشافعي يتيما بعد وفاة أبيه، وذهبت به أمه إلى مكة وهناك برع في الفقه واجتهد فيه، حتى صار فقيه زمانة. [3]الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجـزء 10، الصـفحة 6
قبسات عن الامام الشافعي
شخصية وعلم الامام الشافعي كانت مميزة إلى أبعد الحدود، كانت مزيجا بين الاجتهاد والفطنة والذكاء، وهو ما سيتضح بهذه القبسات المختصرة.
الامام الشافعي لقب بحر من العلم
عُرف عن الامام الشافعي وسع علمه و إدراكه، وهو ما يظهر جليا في ما أخبر به أبو ثور، والذي قال ان عبد الرحمن بن مهدي قد كتب كتابا (رسالة) إلى الامام الشافعي وهو شاب وطلب منه أن يؤلف له كتابا يجمع له فيه معاني القرآن، ويضع فيه قبول الأخبار، ويفصل فيه دلائل الإجماع ويبين فيه الناسخ والمنسوخ، ولا شك انها مهمة ليست باليسيرة وتحتاج دون شك أن يكون الكاتب متمكنا حافظا وضابطا لأمور الدين وواسِع الإدراك والاطلاع والفهم، وفعلا قد نجح الشافعي في ذلك، وألف له الكتاب المٌعنون بـ الرسالة![4]الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجـزء 10، الصـفحة 44
طالع ايضا: من هو ابن عثيمين؟
الامام الشافعي هو الذكاء والفطنة
في بيان سرعة البديهة عند الإمام الشافعي و ذكائه، قال حرملة بن يحيى أن الشافعي سئل يوماً عن حل مسألة معقدة، وهي أن رجلا وضع في فمه تمرةٌ، فقال: إذا أكلتُها فامرأتي طالقٌ، وإذا طرحتها ورميتها فامرأتي طالقٌ، فماذا يفعل كي لا يطلق امرأته!
فاجأب الشافعي عن هذه المسألة أن الحل هو أن يأكل نصفًا، ويطرح النصف الآخر.[5]ابو نعيم الاصبهاني، حلية الأولياء، الجـزء 9، الصفحـة 143
اقرأ ايضا: ترجمة الامام مالك
لقب الإمام الشافعي بالحافظ الحَفّاظ
قال يونس بن عبد الأعلى في إبراز قوة حفظ الامام الشافعي أنه:
“يصنع كتابًا من غدوةٍ إلى الظهر من حفظه، من غير أن يكون في يده أصلٌ”[6]ابو نعيم الاصبهاني، حلية الأولياء، الجـزء 9، الصفحـة 129
هنا: سيرة ابن سيرين وسيرته
الشافعي وموطأ الامام مالك
تحدث محمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم وأخبر عن أن الامام الشافعي جاء إلى الإمام مالك يوما فقال له أنه يريد أن يسمع منه الموطأ، فأوصاه مالك بن أنس أن يذهب إلى شخصٍ كلفه بالقراءة، ولكن الشافعي لم يرق له ذلك فاقترح على الامام مالك أن يسمع له فإن اعجبته قراءته اكمل وان لم تعجبه توقف. وافقه الامام مالك على ذلك، فباشر الشافعي القراءة، قرأ صفحة وانتظر رد مالك، فكان رده أن واصِلِ القراءة، ثم أكمل الصفحة الثانية فقال له واصل، وهكذا حتى أكمل قراءة الموطأ كاملاً![7]ابن عبد البر، الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، الصفحـة 67.
من هم شيوخ الامام الشافعي
كان مسار تحصيل الامام الشافعي للعلم طويلاً، وغير محدد بمكان معين، وكان عبر محطات وعند شخصيات لها مكانة سامية في تاريخ الاسلام كما سنتابع في الأسطر التالية[8]الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجزء 10، الصفـحـة: 6-7:
في مكة، تتلمذ الشَّافعي على يد مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة، وعلى يد داود بن عبد الرحمن العطار، وأيضاً سفيان بن عيينة، و آخرون.
وفي المدينة، تلقى علمه عن الإمام مالك (مالك بن أنس) ، وعن إبراهيم بن أبي يحيى، وأيضاً عن عبد العزيز الدراوردي، وآخرون.
كما تتلمذ أيضا في أرض اليمن عن طريق مطرف بن مازن، وعن طريق هشام بن يوسف القاضي، وفي بغداد تتلمذ على يد فقيه العراق محمَّد بن الحسن، وعلى يد عبد الوهاب الثقفي وآخرون.
قد يهمك: من هو الامام ابن باز
من هم تلاميذ الامام الشافعي
تتلمذ وتفقه على يد الامام الشافعي عدد من الفقهاء والعلماء، وسنعرض بعضاً ممن اخذوا منه العلم[9]الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجزء 10، الصفحة 7-8:
- أبو عبيدٍ القاسمُ بن سلام
- أحمد بن حنبل
- سليمان بن داود الهاشمي
- موسى بن أبي الجارود المكي
- عبدالعزيز المكي (صاحب “الحيدة”)
- حسين بن علي
- إسحاق بن راهويه
- الربيع بن سليمان المرادي.
- بحر بن نصر الخولاني.
- محمَّد بن عبدالله بن عبدالحكم.
ما قيل في حق الشافعي
قال أحمد بن حنبل في شهادته حول الشافعي:
“ما أحدٌ مس محبرةً ولا قلمًا إلا وللشافعي في عنقه منَّةٌ”[10]الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجزء 10، الصفحة 47
وقال عنه الميموني:
“سمعت أحمد بن حنبل يقول: ستة أدعو لهم في السَّحَر، أحدهم الشَّافعي”[11]ابن الجوزي، صفة الصفوة، الجزء 2، الصفحة 250.
وقال محمَّد بن عبدالله الرازي:
سمعت ابن راهويه يقول: كنتُ مع أحمدَ بمكة فقال: “تعالَ حتى أريك رجلًا لم ترَ عيناك مثله”،فأراني الشَّافعي”[12]ابو نعيم الاصبهاني، حلية الأولياء، الجـزء 9، الصفحـة 97
قال في حقه عبد الله بن أحمد بن حنبلٍ:
سمعت أبي يقول: كان الشَّافعي مِن أفصح الناس”[13]ابن عبد البر، الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، الصفحـة 75.
قال ابن عبدالحكم في حديثه عن الامام الشافعي:
” ما رأيتُ الشَّافعي يناظر أحدًا إلا رحِمْتُه، ولو رأيتَ الشَّافعيَّ يناظرك لظننتَ أنه سَبُعٌ يأكلك، وهو الذي علَّم الناس الحجج”[14]الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجزء 10، الصفحة 49-50
قال أحمد بن مسلمة النيسابوري متحدثا عن الامام الشافعي:
“تزوج إسحاق بن راهويه بمرو بامرأة رجلٍ كان عنده كتب الشَّافعي، فتوفي، لم يتزوج بها إلا لحال كتب الشَّافعي، فوضع جامعه الكبير على كتاب الشَّافعي”[15]ابو نعيم الاصبهاني، حلية الأولياء، الجـزء 9، الصفحـة 102-103
أفضل مؤلفات الامام الشافعي
ألّف الشافعي عددا من الكتب وأغنى المكتبة الاسلامية بكتب قيِّمة في المجال الفقهي الديني، ومن الأمثلة على كتبه هناك:[16]البيهقي، مناقب الشافعي، الجزء 1، الصفحة 246-247
- كتاب الرسالة القديمة (كتبه في بغداد)
- كتاب الرسالة الجديدة (كتبه في مصر)
- كتاب اختلاف الحديث
- كتاب جمَّاع العلم
- كتاب إبطال الاستحسان
- كتاب أحكام القرآن
- كتاب بيان فرض الله عز وجل
- كتاب صفة الأمر والنهي
- كتاب اختلاف مالك والشافعي
- كتاب اختلاف العراقيين
- كتاب الرد على محمد بن الحسن
اعرف من هو ابن تيمية
مسيرة حياه الامام الشافعي
بعد طول عمرٍ ملئ بالاجتهاد والبحث والدفاع عن راية الاسلام، ودّع الإمام الشافعي الأرض الفانية وانتقل إلى جوار ربه ليلة الجمعة بعد العشاء، في آخر يوم من رجب لسنة 204 للهجرة، وتم دفنه صباح يوم الجمعة، بعد حياةٍ دامت 54 سنة.[17]الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، الجزء2، الصفحة 70[18]ابن الجوزي، صفة الصـفوة، الجزء2، الصفحة 258.
المذهب الشافعي ثمرة الامام
المذهب الشافعي هو ثالث المذاهب الاربعة الكبرى(المالكية، الحنفية، الشافعية، الحنبلية)، وهو مذهب أسسه الامام الشافعي وأخذ اسمه.
وقد تعلم الإمام الشافعي على يد الإمام مالك قبل أن يستقل الشافعي بأفكاره التي تبلورت في قالبٍ يحمل اسم المذهب الشافعي[19]أحمد تيمور باشا، نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة، الصفحة 70.
انتشار المذهب الشافعي كان في بدايته في مصر، حيث أنها البلاد التي استقر فيها الامام الشافعي معظم حياته. ثم انتقل هذا المذهب وبدأ بالتوسع والانتشار ليصل إلى بلاد فارس، وسجستان وخراسان، إلى ما وراء النهر، وكان طلبة العلم يأتون من كل حدب وصوب للنقل عن هذا المذهب ونشره.
كما كان المذهب الشافعي المذهبَ الطاغي في أرض الشرق، وكانت له الكلمة العليا في بلاد الشام، والعراق، ومصر واليمن، ومكة، والحجاز، والمدينة، وغيرها من الأمصار[20]سراج الدين البلقيني، التدريب في الفقه الشافعي، الجزء1، الصفحة 11-21.
وهذا المذهب هو ثالث أكبر المذاهب الفقهية في الاسلام من حيث الانتشار.
قد يهمك: من هو الامام ابن باز
مرجعي ــ شخصيات اسلامية
لا خير في أمة لا تكتب عن عظمائها، لا خير في امة نست رجالاتها و كبارها.
المصادر
↑1 | ابن عبد البر، الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، الصفحة 66 |
---|---|
↑2, ↑7 | ابن عبد البر، الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، الصفحـة 67 |
↑3 | الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجـزء 10، الصـفحة 6 |
↑4 | الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجـزء 10، الصـفحة 44 |
↑5 | ابو نعيم الاصبهاني، حلية الأولياء، الجـزء 9، الصفحـة 143 |
↑6 | ابو نعيم الاصبهاني، حلية الأولياء، الجـزء 9، الصفحـة 129 |
↑8 | الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجزء 10، الصفـحـة: 6-7 |
↑9 | الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجزء 10، الصفحة 7-8 |
↑10 | الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجزء 10، الصفحة 47 |
↑11 | ابن الجوزي، صفة الصفوة، الجزء 2، الصفحة 250 |
↑12 | ابو نعيم الاصبهاني، حلية الأولياء، الجـزء 9، الصفحـة 97 |
↑13 | ابن عبد البر، الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، الصفحـة 75 |
↑14 | الذهبي، سير أعلام النبلاء، الجزء 10، الصفحة 49-50 |
↑15 | ابو نعيم الاصبهاني، حلية الأولياء، الجـزء 9، الصفحـة 102-103 |
↑16 | البيهقي، مناقب الشافعي، الجزء 1، الصفحة 246-247 |
↑17 | الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، الجزء2، الصفحة 70 |
↑18 | ابن الجوزي، صفة الصـفوة، الجزء2، الصفحة 258 |
↑19 | أحمد تيمور باشا، نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة، الصفحة 70 |
↑20 | سراج الدين البلقيني، التدريب في الفقه الشافعي، الجزء1، الصفحة 11-21 |
4 تعليقات