ابن قدامة إمام وعالم يتبادر ذكره كثيراً في الحديث عن المسائل الفقهية، وذلك بحكم مكانته المميزة في الوسط الديني، فمن هو الإمام ابن قدامة؟ وكيف كانت سيرته؟
لنتابع ترجمة الإمام ابن قدَامة.
من هو ابن قدامة؟
ابن قدامة هو أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر المقدسي الجمَّاعيلي، وهو شيخ المذهب الحنبلي، وهو إمام عالم بعلوم الشريعة.
ولد الإمام ابن قدامَة رحمه الله بفلسطين عام 541 للهجرة، وهاجر إلى دمشق مع أهله واستقر فيها.
وقال الإمام الضياء في وصفه:
“كان تام الخلقة أبيض مشرق الوجه أدعج كأن النور يخرج من وجهه لحسنه واسع الجبين طويل اللحية قائم الأنف مقرون الحاجبين صغير الرأس لطيف اليدين والقدمين نحيف الجسم ممتعاً بحواسه”
حفظ الإمام ابن قدامة القرآن كاملاً قبل سن البلوغ وحفظ أيضاً مختصر الخرقي، وقرأ القرآن على مشايخ دمشق، فشُهِد له بالتمكن والنبوغ، ثم سافر بعد ذلك إلى بغداد طلباً للعلم، فتلقى بذلك علمه على كبار علماء دمشق.
إقرأ أيضاً: من هو ابن تيمية؟
شيوخ ابن قدامة وطلبته
لم يكن علم بحر الإمام ابن قدامة وليد الصدفة، ولم يكن سمو مكانته في الإسلام عبثاً، بل كان ذلك بفضل تمكنه من العلم وأخذه للعلم من كبار علماء الأمة، وأيضاً بفضل حرصه على نقله ومشاركته.
وبذلك كان للإمام ابن قدَامة شيوخ كثر وطلبة أكثر.
طالع ايضا: من هو ابن عثيمين؟
شيوخ ابن قدامة
لقد بلغ شيوخ الإمام ابن قدامة رحمه الله ما يزيد عن 32 شيخاً، ومنهم:
- أحمد بن محمد بن قدامة (والده بدمشق).
- الشيخ أبو الفتح نصر بن فتيان.
- الشيخ عبد القادر بن عبد الله الجيلى.
- الشيخ أبو الفضل الطوسي.
- الإمام أبو الفرج ابن الجوزي.
- الشيخ أبو المكارم بن هلال.
طالع أيضاً: من هو ابو حنيفة؟
طلبة العلم عند ابن قدامة
تمكن ابن قدامة من ضبط أمور دينه، فأصبح ثقة يُشهد له بالكفاءة، فتقاطر عليه عدد من الخلق ليتلقوا العلم على يده وينالوا من نبع علمه الكثير، فكان من بين تلامذته:
- الحافظ أبو إسحاق الواسطي.
- أحمد بن إبراهيم المقدسي ابن العماد.
- أحمد بن سلامة بن أحمد النجار.
- الحافظ أبو العباس ابن قدامة (حفيده).
- إسماعيل بن عبد الرحمن بن الفراء.
- خليل بن أبي بكر بن صديق المراغي.
- الحافظ محمد بن سعيد الشافعي.
- الحافظ محمد بن محمود النَّجَّار.
حياة ابـن قدامة وما قبل عنه
كان الإمام ابن قدامة يؤم المصلين بالجامع المظفري ويخطب فيهم يوم الجمعة، وقد كان إمام محراب الحنابلة بجامع دمشق.
وقيلت في حقه شهادات مميزة، حيث قال عنه ابن كثير :
“كان يتنفل بين العشاءين بالقرب من محرابه، فإذا صلى العشاء انصرف إلى منزله بدرب الدّولَعِيّ بالرصيف، وأخذ معه من الفقراء من تيسر، يأكلون معه من طعامه وكان منزله الأصلي بقاسيون”
وقيل فيه أيضاً:
“كان لا يناظر أحداً إلا وهو يبتسم، حتى قال بعض الناس: هذا الشيخ يقتل خصمه بتبسمه. وقيل أنه ناظر ابن فضلان الشافعي ـــ الذي كان يضرب به المثل في المناظرة ـــ فقطعه”
وقال عنه الإمام الضياء:
” كان حسن الأخلاق لا يكاد يراه أحد إلا مبتسماً يحكي الحكايات ويمزح وسمعت البهاء يقول: كان الشيخ يمازحنا وينبسط، وكان لا ينافس أهل الدنيا، ولا يكاد يشكو، وربما كان أكثر حاجة من غيره، وكان يؤثر”
وقال فيه السبط بن الجوزي:
” كان صحيح الاعتقاد مبغضاً للمشبهة، وقال: من شرط التشبيهات أن يرى الشيء ثم يشبهه، من رأى الله – تعالى – حتى يشبهه لنا؟!!”
وقال عنه ابن رجب:
” لم يكن يرى الخوض مع المتكلمين في دقائق الكلام وكان كثير المتابعة للمنقول في باب الأصول وغيره، ولا يرى إطلاق ما لم يؤثر من العبارات”
اقرأ ايضا: ترجمة الامام مالك
مؤلفات ابن قدامة
وضع الإمام ابن قدامة علمه بين دفات الكتب، وكانت مؤلفاته كثيرة وعديدة، ومن بينها:
- المغني (وهو أشهر مؤلفاته وكتبه)
- المقنع.
- الكافي.
- روضة الناضر وجنة المناظر.
- مسألة في تحريم النظر في علم الكلام.
- الاستبصار (في الأنساب).
- التوابين.
- الاعتقاد.
- ذم التأويل.
- فضائل الصحابة.
- ذم الوسواس.
- القدر.
- لمعة الاعتقاد.
- مناسك الحج.
وفاة الإمام ابن قـدامة
توفي الإمام ابن قدامة رحمه الله يوم السبت في يوم عيد الفطر لسنة 620 للهجرة بعد مسيرة طويلة عامرة بالعلم والجد والاجتهاد، ودفن ـــ رحمة الله عليه ـــ يوماً بعد وفاته، وذلك في جبل قاسيون خلف الجامع المظفري.
رحم الله الإمام ابن قدَامة ونفع الأمة بعلمه، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
طالع أيضاً: من هو الامام ابن باز
————————–
تم الاعتماد في ترجمة سيرة الإمام ابن قدَامة على عدد من المراجع والمصادر التي سنضعها للراغبين في التعمق أكثر في دراسة هذا الإمام الجليل: ( [1]سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان، 8/627 [2]ياقوت الحموي، معجم البلدان، 2/113 [3]الإمام الذهبي، سير أعلام النبلاء، 22/165 [4]ابن رجب، ذيل طبقات الحنابلة، 2/133 [5]ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، 6/256 [6]شذرات الذهب 5/88 — المقصد الأرشد 2/15 — الدر للعليمي 1/346 )
مرجعي ــ شخصيات اسلامية
لا خير في أمة لا تكتب عن عظمائها، لا خير في أمة نست رجالاتها وكبارها.
تعليق واحد