ختان الإناث في الإسلام
ختان الإناث عادةٌ تجاوزها الزمن، وفرض العصر الحالي اندثارها، رغم أنه مازال هناك من يتخذ الشرع ذريعة للترويج لها وحرمان النساء من بلوغ متعتهن الغريزية، فهل ختان الإناث واجب في الإسلام؟
(المقال ليس ترويجاً لختان الإناث أو تشجيعاً ودفاعاً عنه، بقدر ما هو عرض لحكم الشرع في هذه القضية، وبه وجب الإعلام)
جدول المحتويات
حكم ختان الإناث
ختان النساء باتّفاق أهل العلم مستحب وسنة نبوية، ولكنه ليس واجباً شرعاً، وبالتالي ففاعله يؤجر عليه وتاركه لا يعاقب على تركه.
هل ختان البنات مذكور في القرآن
ختان الإناث مُستحبٌّ شرعاً، وهو ما عليه فقهاء المَذهَب الحنفي[1]حاشية ابن عابدين، (6/371)، وينظر: فتح القدير، للكمال ابن الهمام (1/63) ، والمالكي[2]مواهب الجليل، للحطاب (4/395)، حاشية الدسوقي، (2/126) ، والشَّافعي[3]المجموع، للنووي (1/300)، وينظر: طرح التثريب، للعراقي (2/70) ، والحنبلي[4]الفروع، لابن مفلح (1/156)، الإنصاف، للمرداوي (1/97) ، كما أنه اختيارُ الإمام الشَّوكانيِّ، وابن باز، وابن عثيمين، وهو كذلك ما عليه أكثَر أهلِ العِلمِ.
قال الإمام الشوكانيُّ:
“الحقُّ أنَّه لم يَقمْ دليلٌ صحيحٌ يدلُّ على الوُجوبِ، والمتيقَّنُ السُّنيَّةُ كما في حديث: (خمسٌ مِن الفِطرةِ) ونحوه، والواجِبُ الوقوفُ على المتيقَّنِ إلى أن يقومَ ما يُوجِبُ الانتقالَ عنه” [5]الشوكاني، نيل الأوطار، (1/146)
وقال الإمام ابن باز:
“خِتان البناتِ سُنَّة، إذا وُجِد طبيبٌ يُحسِن ذلك، أو طبيبةٌ تُحسِن ذلك؛ لقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (الفِطرةُ خمسٌ: الخِتان، والاستحدادُ، وقصُّ الشَّاربِ، وقَلْم الأظفارِ، ونتْفُ الآباط)” [6]ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز، (10/47)
وفصل الإمام ابن عثيمين في الموضوع إذ قال:
” أقرَبُ الأقوالِ: أنَّه واجِبٌ في حقِّ الرِّجالِ، سُنَّةٌ في حقِّ النِّساءِ. ووجهُ التَّفريقِ بينهما: أنَّه في حقِّ الرِّجال فيه مصلحةٌ تعودُ إلى شرْطٍ مِن شُروطِ الصَّلاةِ، وهي الطَّهارة، لأنَّه إذا بقِيَت هذه الجلدةُ، فإنَّ البَولَ إذا خرجَ مِن ثُقبِ الحَشَفةِ بقِي وتجمَّع، وصار سببًا في الاحتراقِ والالتهابِ، وكذلك كلَّما تحرَّك، أو عصَرَ هذه الجلدةَ خرَج البولُ وتنجَّسَ بذلك. وأمَّا في حقِّ المرأة، فغايةُ فائدتِه: أنه يُقلِّلُ مِن غُلمَتِها- أي: شَهوتِها- وهذا طلَبُ كَمالٍ، وليس من بابِ إزالةِ الأذى، ولا بدَّ من وجودِ طبيبٍ حاذِقٍ يعرِف كيف يَختنُ، فإن لم يوجَدْ فإنَّه يختِنُ نفْسَه إذا كان يُحسِنُ، وإبراهيمُ عليه السَّلام ختَن نفْسَه” [7]ابن عثيمين، الشرح الممتع، الجزء 1، الصفحة 164-165
وقال الإمام العراقيّ:
” فذهب أكثرُ العلماءِ إلى أنَّه سُنَّة وليس بواجبٍ، وهو قولُ مالكٍ وأبي حنيفةَ وبعضِ أصحاب الشَّافعيِّ” [8]العراقي، طرح التثريب، (2/75)
وقال الإمام ابنُ حجر:
” ذهب أكثرُ العُلَماءِ وبعض الشافعيَّة إلى أنَّه ليس بواجبٍ” [9]ابن حجر، فتح الباري، (10/341)
وقال الإمام ابن قدامة:
” فأمَّا الختانُ، فواجِبٌ على الرِّجالِ، ومَكرُمةٌ في حقِّ النِّساء، وليس بواجبٍ عليهنَّ؛ هذا قولُ كثيرٍ مِن أهلِ العِلمِ” [10]ابن قدامة، المغني، (1/64)
كيفية ختان البنات في الإسلام
يستند علماء الإسلام للحسم في حكم ختان الإناث إلى عدد من الأدلة، ومنها:
الحديث النبوي الشريف الذي قال فيه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
( إذا جَلَس بين شُعَبِها الأَربعِ، ومسَّ الخِتانُ الختانَ، فقد وَجَب الغُسلُ) [11]الراوي: أبو موسى الأشعري، المحدث: مسلم، في: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 349، خلاصة حكم المحدث: صحيح
ووجه الدلالة في هذا الحديث هو أنه يدلُّ على أنَّ النِّساءَ في زمن النّبي كُنَّ يختتنَّ. [12]البهوتي، شرح منتهى الإرادات، الجزء 1، الصفحة 44
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِي الله عنه عن النبيِّ علية افضل الصلاة والسلام قال:
(الفِطرة خمسٌ: الخِتان، والاستحداد، وقصُّ الشَّارب، وتقليمُ الأظْفار، ونتْفُ الآباط) [13]الراوي: أبو هريرة، المحدث: ابن القطان، في الوهم والإيهام، الصفحة أو الرقم: 5/599، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
ويقول فقهاء الإسلام أن هذا الحديث النبوي الشريف يشمل الرجال والنساء.[14]فتاوى اللَّجنة الدَّائمة- المجموعة الأولى، (5/119)
اقرأ أيضاً: حكم التمائم في الإسلام.
حكم ختان الرجال
إذا كان ختان الإناث مستحباً وغير واجب شرعاً كما فصّلنا في الفقرات السابقة، فهل نفس الشيء ينطبق على الرجال؟
الجواب هو لا، حيث أن الختان للرجال واجب في الإسلام، وهو ما ذهب إليه الشافعية[15]المجموع، للنووي (1/297، 300)، مغني المحتاج، للشربيني (4/202) والحنابلة[16]كشاف القناع، للبهوتي (1/80)، الشرح الكبير، لشمس الدين ابن قدامة (1/109) ، وهو ما اختاره ابن تيميَّة، وما عليه ابن عُثيمين، وبه صدَرت فتوى اللَّجنة الدَّائمة، وبه قال عدد مِن أهلِ العلم.
ويمكنكم الإطلاع على تفصيل هذا الموضوع عبر هذه المقالة: حكم الختان للرجال.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
شاهد كذلك: الحلف بغير الله.
ـــ ولمتابعة صفحتنا الرسمية عبر فايسبوك: اضغط هنا ــــ
دين – مرجعي:
المصادر
↑1 | حاشية ابن عابدين، (6/371)، وينظر: فتح القدير، للكمال ابن الهمام (1/63) |
---|---|
↑2 | مواهب الجليل، للحطاب (4/395)، حاشية الدسوقي، (2/126) |
↑3 | المجموع، للنووي (1/300)، وينظر: طرح التثريب، للعراقي (2/70) |
↑4 | الفروع، لابن مفلح (1/156)، الإنصاف، للمرداوي (1/97) |
↑5 | الشوكاني، نيل الأوطار، (1/146) |
↑6 | ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز، (10/47) |
↑7 | ابن عثيمين، الشرح الممتع، الجزء 1، الصفحة 164-165 |
↑8 | العراقي، طرح التثريب، (2/75) |
↑9 | ابن حجر، فتح الباري، (10/341) |
↑10 | ابن قدامة، المغني، (1/64) |
↑11 | الراوي: أبو موسى الأشعري، المحدث: مسلم، في: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 349، خلاصة حكم المحدث: صحيح |
↑12 | البهوتي، شرح منتهى الإرادات، الجزء 1، الصفحة 44 |
↑13 | الراوي: أبو هريرة، المحدث: ابن القطان، في الوهم والإيهام، الصفحة أو الرقم: 5/599، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح |
↑14 | فتاوى اللَّجنة الدَّائمة- المجموعة الأولى، (5/119) |
↑15 | المجموع، للنووي (1/297، 300)، مغني المحتاج، للشربيني (4/202) |
↑16 | كشاف القناع، للبهوتي (1/80)، الشرح الكبير، لشمس الدين ابن قدامة (1/109) |