عقوق الوالدين يمكِن القول أنها من الظواهر التي بدأت تستشري في المجتمع، خصوصاً بعد استفحال معالم العولمة والتوجه العالمي للنظام الفرداني عوض النظام الأسري.
فما حكم عقوق الوالـدين في الاسلام؟
جدول المحتويات
حكم عقوق الوالدين
بالإجماع، عقوق الوالدين كبيرة من الكبائر، وهو حرام شرعاً.
تفصيل حكم عقوق الوالدين
بإجماع أهل العلم، وباتفاق فقهاء الإسلام عقوق الوالدين يُعدّ من الكبائر، وهو حرام بنصوص الشرع.
وهذا القول لا خلاف عليه، وهو ما عليه كبار علماء الاسلام، حيث قال ابن عبد البر أنه ثبت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قد عَدَّ في الكبائِرِ عُقوقَ الوالدينِ، وأكد أن هناك إجماع على هذا القول[1]ابن عبد البر، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار، (7/526) ،
وقال أبو العباس القرطبي بأنه لا خِلافَ في أنَّ عقوق الوالـدين يُعد مِن أكبرِ الكبائرِ [2]أبو العباس القرطبي، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ، (165/5) .
وفي حديثه حول هذا الموضوع، قال أبو عبد الله شمس الدين القرطبي أن من البِرِّ بالوالدين والإحسانِ إليهما ألَّا يتعرَّض الابن لِسَبِّهما ولا يَعُقَّهما؛ فإنّ ذلك يعد مِن الكبائِر بلا خلافٍ[3]القرطبي، تفسير القرطبي، (10/238) .
وهو أيضاً ما قاله النووي حيث أشار إلى أن العُلَماء قد أجمعوا على أن العقوق كبيرة من الكبائِرِ [4]الإمام النووي، شرح صحيح مسلم، (16/104) .
وأكد هذا القول الإمام الذَّهبي وابن حجر الهَيتمي والصَّاوي و آخرون.[5] فيض القدير، (3/361) – الزواجر عن اقتراف الكبائر، (2/115) – حاشية الصاوي على الشرح الصغير، (4/739)
اقرأ أيضاً: حكم استعمال المسبحة
الأدلة في حكم عقوق الوالدين
أوصى الإسلام بالبر بالوالدين ونهى عن عقوقهما نهياً كلياً، والملسم الصادق السويّ يجب عليه أن يحسن إلى والديه امتثالاً لأوامر الله تعالى الذي شدّد على وجوبِ البِرّ ونهى عن العقوق.
وقد قال عز وجل في محكم تنزيله:
(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَولًا كَرِيمًا) [6]سورة الإسراء، الآية 23
وفي الحديث النبوي الشريف، جاءت أحاديث عدة في النهي عن عقوق الوالدين وفي اعتبار عقوقهما كبيرة من الكبائر كما أسلفنا الذكر.
فقد قال رسول الله صلى اللهُ عليه وسلَّم:
“ألا أُنَبِّئُكم بأكبرِ الكبائِرِ؟ قُلْنا: بلى يا رَسولَ اللهِ. قال: الإشراكُ باللهِ، وعُقوقُ الوالِدَينِ، وكان متَّكِئًا فجَلَس فقال: ألا وقَولُ الزُّورِ، وشَهادةُ الزُّورِ، ألا وقَولُ الزُّورِ، وشَهادةُ الزُّورِ. فما زال يقولُها، حتى قلتُ: لا يَسكُتُ” [7]الراوي: أبو بكرة نفيع بن الحارث، المحدث: البخاري، في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6273، خلاصة حكم المحدث: صحيح
وفي حديث آخر، لما سئل عليه الصلاة والسلام عن الكبائر أجاب:
” الشِّركُ باللهِ، وقَتلُ النَّفسِ، وعُقوقُ الوالِدَينِ، فقال: ألا أنَبِّئُكم بأكبرِ الكبائِرِ؟ قال: قَولُ الزُّورِ، أو قال: شَهادةُ الزُّورِ “[8]الراوي: أنس بن مالك، المحدث: الألباني، في صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم : 4604، خلاصة حكم المحدث: صحيح
وهذين الحديثين الشريفين يؤكدان مما لا شك فيه عِـظَـمَ الذنب الذي يقترفه العاق لوالديه، ويوضح مما لا ريب فيه حكم عقوق الوالـدين في الاسلام.
فالمسلم الحق وجب عليه الاعتناء بأبويه حسن العناية وأن يحسن إليها ويرفق بهما، لعله ينال رضا والديه ورضا الله.
اقرأ أيضاً: حكم التمائم في الاسلام
عقوق الوالدين الكافرين
في الفقرة السابقة، تابعنا حكم عقوق الوالدين ورأينا أنه كبيرة من الكبائر، فماذا عن الوالدين الكافرَين أو المشركَين؟
يتفق علماء الأمة على أن الحكم لا يختلف باختلاف مدى تدين الوالدين، واعتبروا أن عقوقهما لا يجوز وأنه يظل كبيرة من الكبائر.[9]ابن باز، ضرورة طاعة الوالدين والإحسان إليهما وإن كانا كافرين، الموقع الرسمي لفضيلة الإمام ابن باز
وقد تم تفصيل هذا الموضوع في هذه المقالة: عقـوق الوالدين الكافرين.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
شاهد كذلك: الحلف بغير الله
دين – مرجعي:
المصادر
↑1 | ابن عبد البر، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار، (7/526) |
---|---|
↑2 | أبو العباس القرطبي، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ، (165/5) |
↑3 | القرطبي، تفسير القرطبي، (10/238) |
↑4 | الإمام النووي، شرح صحيح مسلم، (16/104) |
↑5 | فيض القدير، (3/361) – الزواجر عن اقتراف الكبائر، (2/115) – حاشية الصاوي على الشرح الصغير، (4/739) |
↑6 | سورة الإسراء، الآية 23 |
↑7 | الراوي: أبو بكرة نفيع بن الحارث، المحدث: البخاري، في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6273، خلاصة حكم المحدث: صحيح |
↑8 | الراوي: أنس بن مالك، المحدث: الألباني، في صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم : 4604، خلاصة حكم المحدث: صحيح |
↑9 | ابن باز، ضرورة طاعة الوالدين والإحسان إليهما وإن كانا كافرين، الموقع الرسمي لفضيلة الإمام ابن باز |
تعليق واحد