حكم البكاء على الميت

هل يجوز البكاء على الميت

 

الإنسان بطبعه كائن عاطفي محكوم بالعواطف والعلاقات، ولعل أكثر مَصاب قد يصيب الإنسان هو فقدان أحد الأحبة بالوفاة، حيث يذهب دون عودة وكَردّ فعل طبيعي على هذا المصاب الجلل يلجأ المرء لذرف الدموع، فهل يجوز البكاء على الميت في الاسلام؟ لنتابع…

ما حكم تقبيل المصحف ؟

ما حكم التمائم في الاسلام؟

حكم البكاء على الميت 

يجوز البكاء على الميت، لأنه يدخل في العواطف والرحمة التي وضعها الله في القلوب، غير أنه لهذا البكاء ضوابط لا يجب الخروج عنها.

تفصيل حكم البكاء على الميت

البكاء على الميت جائز شرعا باتفاق العلماء، ولا حرج فيه حيث أنه تعبير إنساني طبيعي دال على الرحمة الانسانية[1]محمد التبريزي، مشكاة المصابيح، الجزء 1، الصفحة 540، ويستند العلماء في القول بجواز البكاء على الميت إلى بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة ابنه ابراهيم، ولما تعجب عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضوان الله عليه من بكائه عليه السلام، قال له النبي صلى الله عليه وسلّم: “يا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ، إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، و القَلْبَ يَحْزَنُ، و لَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، و إنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ”[2]الراوي: البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1303، صحيح[3]ظافر آل جبعان، البكاء على الميت، الصفحة 4-9 (بتصرف) .

وهذا الحديث يوضح بشكل مباشر أنه لا إشكال في بكاء الإنسان إذا فقد عزيزاً عليه، حيث أن هذا البكاء دليل على الرقة والرحمة، وذلك ما قاله النبي صلى الله في حادثة أخرى بعد وفاة حفيده ابن ابنته زينب وهو طفلٌ صغير حيث قال: “هذِه رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ في قُلُوبِ عِبَادِهِ، وإنَّما يَرْحَمُ اللَّهُ مِن عِبَادِهِ الرُّحَمَاء[4]الراوي: البخاري، في صحيح البخاري، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 5655، صحيح.

حكم الإغماء في نهار رمضان  

يجوز الصيام دون نية؟ 

ضوابط البكاء على الميت

بيّنا في الفقرة السابقة أن لا حرج في البكاء على الميت، باعتباره رد فعل إنساني طبيعي. لكن وعلى الرغم من ذلك، فالإسلام قد وضع شروطا وضوابط لا يجوز للمرء تجاوزها[5]محمد العمودي، البكاء في ضوء السنة النبوية، الصفحة 49-51، (بتصرّف) .

يسمح الشرع للإنسان أن يبكي على فقدان أحبته وأقاربه، لكن لا يجوز له الصراخ والعويل.

كما لا يجوز له سب الدهر أو سبّ القدر أو الاحتجاج على مشيئة الله، فالمسلم الحق لابد أن يكون راضيا بالقدر خيره وشره[6]ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، الصفحة 522، (بتصرف)

وأورد الغزالي رحمه الله في هذا الباب أن البكاء على الميت سُنّة إلى ثلاثة أيام، ويستحب في هذه الفترة الإكثار من الدعاء للميت ومواساة مقربيه، وأن يتحلى الانسان بالصبر الشديد، ويعزي ويدعو للميت. ويقول الإمام الغزالي:… يستحب تحضير طعام لِأَهْل الميت، والبكاء جائز مِن غَيْر نَدْب و لا نِيَاحَة وَدون جَزَعٍ وَضَرْبِ للخذوذ وَشَقِّ للثياب، و كل ذَلِك حَرَام شرعاً… لا يُعَذَّبُ الميِّت بِنِيَاحة أَهْلِه إلا إِذَا أَوْصَاهم بِهِ، إذ لا تَزِرُ وَازِرَة وِزْر أُخْرَى”[7]عبد الكريم الرافعي، شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير، الجزء 2 الصفحة 458.

هل السواك يفطر ؟

حكم الحلف بغير الله

البكاء الذي لا يجوز

البكاء على الميت الذي لا يجوز في الشرع هو الذي يفتقد للضوابط السابق ذكرها، وفي هذا الباب جاءت مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة.

بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم نائماً أيقظه صوت نساء يبكين بصوت مرتفع على وفاة حمزة رضي الله عنه، فنهرهن وأنكر عليهن ذلك حين قال: “ويحَهنَّ ما انقلبنَ بعدُ مُروهنَّ فلينقلبنَ و لا يبكينَ علَى هالِكٍ بعدَ اليومِ”[8]الراوي: الالباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1303، حسن صحيح، أي لا يبكين بهذه الطّريقة بعد اليوم، حيث أنه واضح أن بكاءهن كان مرتفعا (صراخ ونواح)[9]محمد التبريزي، مشكاة المصابيح، الجزء1، الصفحة 541، (بتصرّف) .

وجاء في الصحيحين أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: “ليسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ”[10]الراوي: البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1294، صحيح، فالبكاء الهستيري المرفوق باللطم والصراخ لا يجوز وفاعله آثم إثما كبيراً وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: “النَّائِحَةُ إذا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِها، تُقامُ يَومَ القِيامَةِ و عليها سِرْبالٌ مِن قَطِرانٍ، و دِرْعٌ مِن جَرَبٍ”[11]الراوي: مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو مالك الأشعري، الصفحة أو الرقم: 934، حكم الحديث: صحيح[12]رقية المحارب، البكاء في الكتاب والسنة، الصفحة 60. (بتصرّف) [13]أحمد الساعاتي، الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، الصفحة 105-106، (بتصرف) .

ما حكم صيام يوم الشك؟

 حكم الجماع في نهار رمضان 

 

عن: دين – مرجعي:

في الحياة اليومية العامة، تعترض المسلم مجموعة من الأسئلة والتساؤلات حول بعض القضايا الشائكة التي ترتبط ارتباطا وثيقا مع دينه ومعتقده وهو الإسلام. ولا ضير أو حتى لا بد من استثمار التكنولوجيا والتقدم التقني والعلمي لنشر الدين وزيادة توعية الناس في أمور ومسائل دينهم، خصوصا مع كثيرة الأقوال والاستفسارات التي يطرحها الناس عادةً.

ومن هنا انبثقت فكرة هذا القسم (قسم دين-مرجعي) لِــ يَكون إن شاء لله تعالى المرجع الكامل والشافي لكل مسلمة ومسلم في أمور دينهم.

وبمنتهى الأمانة والاجتهاد يتم كتابة مواضيع هذا القسم. وذلك بعد البحث والتأكد ومراجعة المصادر أولاً بأول. وذلك لتفادي أي خطأ قد ينعكس سلباً على دين الشخص وطريقة عباداته.

في هذا القسم عزيزي المسلم عزيزتي المسلمة ستجد مختلف الأقوال التي ترِد في القضايا الدينية، بحيث سنحاول قدر الإمكان الاستماع لكل المذاهب في أطروحاتهم وأجوبتهم وفتاواهم، دون أي تعليقات أو تعقيبات أو اجتهادات شخصية.

وأي توفيق أناله فهو من الله وأي تقصير فهو مني، وسبحان من لا يخطئ ولا يغفو.

ونسأل الله أن يبارك هذا العمل وينفع به الأمة، ويصلح الجميع وييسّر الأمور ويرزقنا من فضله وينعم علينا بالعلم ويديم علينا نعمة الإسلام وكفى بها نعمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والحمد لله رب العالمين. (موقع مرجعي)

مرجعي: مرجعك الديني

المصادر

المصادر
1 محمد التبريزي، مشكاة المصابيح، الجزء 1، الصفحة 540
2 الراوي: البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1303، صحيح
3 ظافر آل جبعان، البكاء على الميت، الصفحة 4-9 (بتصرف)
4 الراوي: البخاري، في صحيح البخاري، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 5655، صحيح
5 محمد العمودي، البكاء في ضوء السنة النبوية، الصفحة 49-51، (بتصرّف)
6 ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، الصفحة 522، (بتصرف)
7 عبد الكريم الرافعي، شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير، الجزء 2 الصفحة 458
8 الراوي: الالباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1303، حسن صحيح
9 محمد التبريزي، مشكاة المصابيح، الجزء1، الصفحة 541، (بتصرّف)
10 الراوي: البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1294، صحيح
11 الراوي: مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو مالك الأشعري، الصفحة أو الرقم: 934، حكم الحديث: صحيح
12 رقية المحارب، البكاء في الكتاب والسنة، الصفحة 60. (بتصرّف)
13 أحمد الساعاتي، الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، الصفحة 105-106، (بتصرف)
Exit mobile version