التطير في الاسلام هو امتدادٌ لعادة جاهلية كان يؤمن بها قدماء العرب، بل أن التطير في عمومه عادة بشرية منذ أن كوَّن الإنسان وعيه، حيث أنه مَال ويميل دوماً للربط بين الأحداث وبين الأشياء الخارجية التي يعتقد بأنها السبب في وقوع تلك الأحداث!
فما حكم التطير في الاسلام؟
جدول المحتويات
حكم التطير في الاسلام
التطير في الاسلام منهيٌّ عنه، بل ويدخل في الشركيات والعياذ بالله، والمسلم الحق يجب أن يتوقف عن التصديق بهذه الخرافات الجاهلية.
تفصيل حكم التطير
نهى الاسلام نهيا كلياً عن التطير، لأنه ينافي مبادئ الإسلام والإيمان، وفاعله آثم شرعاً، فكل ما يصيب الإنسان يدخل في باب القضاء والقدر، لذلك جاء التطير في الاسلام مذموما ووجهاً من أوجه الشرك الأصغر.
ويمكنكم التعرف أكثر على الشرك الأصغر عبر هذه المقالة: حكم الشرك الأصغر.
تعريف مفهوم التطير
قلنا في الفقرة السابقة أن التطير في الاسلام منهيّ عنه، لكن ما هو التطير؟ حيث أنه قد يكون مصطلحاً جديداً على بعض الناس.
التطير هو[1]ابن باز، باب ما جاء في التطير، الموقع الرسمي لفضيلة الإمام ابن باز، (بتصرف) التشاؤم بالأشياء والأمور، كالتشاؤم بمرئيٍّ أو بمسموعٍ أو بمعلومٍ.
فالتشاؤم بالمرئي معناه أن يتشاءم الإنسان من رؤية طير أو حيوان أو نحو ذلك، كالتطير والتشاؤم من الغراب أو البومة مثلاً.
أما التطير بالمسموع فهو أن ينوي الإنسان القيام بشيء ما ثم يتراجع عنه بعد أن يسمع أحدهم يقول مثلاً: “خسارة” أو “أزمة” أو “خائب”، فيتشاءم من ذلك.
والتطير بالمعلوم هو التشاؤم ببعض الأيام أو الشهور أو السنوات، كأن ينوي الإنسان القيام بمشروعٍ ما ثم يقول سأنتظر حتى الشهر المقبل، لأن الشهر الحالي فأل سيء عليّ.
اقرأ أيضاً: حكم التمائم في الاسلام
التوحيد والتطير في الاسلام
لا شك أن التطير ينافي مبادئ الإسلام ومرتكزات التوحيد تحديداً، حيث أن [2]ابن عثيمين، القول المفيد، (1/559)، (بتصرف) المتطير يكون قد قطع توكله على الله، واعتمد في أموره على غيره وهذا شرك بالله تعالى.
والأمر الثاني هو أن المتطير قد تعلّق وارتبط بأمرٍ لا حقيقة له، بل هو مجرد وهم وخيالات لا تفيد ولا تضرّ.
ولا شك أن التطير يقود إلى استجابة الإنسان للتشاؤم، وبالتالي التوقف والانصراف عن العمل، كما يقود أيضاً إلى الخوف والوسواس، فيصبح الخوف من الطيرة أكبر من الخوف من الله تعالى.
وهي أمور تنافي التوحيد، والمسلم يجب عليه أن يحسن الظن بالله تعالى ويمضي إلى أموره بثقةِ وعزمِ المؤمن.
يقول الله تعالى في محكم تنزيله:
( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [3]سورة الطلاق، الآية 3
وقال أيضاً في آية أخرى:
(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) [4]سورة الحديد، الآية: 22
فالإسلام قد جاء لِهدم معتقدات الجاهلية ورد الأمور كلها إلى الله. وبه جعَل حكم التطير في الاسلام هو الشركَ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“الطِّيَرَةُ شِركٌ -ثلاثًا- وما مِنَّا إلَّا، ولكِنَّ اللهَ يُذهِبُه بالتوكُّلِ” [5]الراوي: عبد الله بن مسعود، المحدث: أبو داود، في: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 3910
وهو حديث واضح لا يستدعي مزيداً من التوضيحات.
أقوال أهل العلم في التطير
قال الإمام البيهقي في حديثه عن التطير:
” أما التطير بزجر الطائر وإزعاجها عن أوكارها عند إرادة الخروج للحاجة، حتى إذا مرت على اليمين تفاءل به ومضى على وجهه، وإن مرت على الشمال تشاءم به وقعد؛ فهذا من فعل أهل الجاهلية الذين كانوا يوجبون ذلك، ولا يضيفون التدبير إلى الله عز وجل، فمن فعل من أهل الإسلام على هذا الوجه استحق الوعيد دون الثناء”[6]البيهقي، الجامع لشعب الإيمان، الجزء 2، الصفحة 396
وقال الإمام القرطبي:
” كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكره الطيرة؛ لأنها من أعمال أهل الشرك، ولأنها تجلب ظن السوء بالله عز وجل”[7]القرطبي، تفسير القرطبي، الجزء 6، الصفحة 60
وقال القرافي عن التطير في الاسلام:
” التطير والطيرة حرام؛ لما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم: «كان يحب الفأل، ويكره الطيرة» ، ولأنها من باب سوء الظن بالله تعالى”[8]القرافي، الذخيرة، (13/254)
وقال الإمام ابن القيم في هذا الموضوع:
” أوضح صلى الله عليه وسلم لأمته الأمر، وبين لهم فساد الطيرة؛ ليعلموا أن الله سبحانه لم يجعل لهم عليها علامة، ولا فيها دلالة، ولا نصبها سببا لما يخافونه ويحذرونه؛ لتطمئن قلوبهم، ولتسكن نفوسهم إلى وحدانيته تعالى”[9]ابن القيم، مفتاح دار السعادة، الجزء 3، الصفحة 1485
شاهد أيضاً: حكم تقبيل المصحف
ختاماً نسأل الله تعالى أن يطهّر قلوبنا من التطير وكل أوجه الشرك وأن يعلق قلبنا بالإسلام، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
شاهد كذلك: الحلف بغير الله
ـــ ولمتابعة صفحتنا الرسمية عبر فايسبوك: اضغط هنا ــــ
دين – مرجعي:
المصادر
↑1 | ابن باز، باب ما جاء في التطير، الموقع الرسمي لفضيلة الإمام ابن باز، (بتصرف) |
---|---|
↑2 | ابن عثيمين، القول المفيد، (1/559)، (بتصرف) |
↑3 | سورة الطلاق، الآية 3 |
↑4 | سورة الحديد، الآية: 22 |
↑5 | الراوي: عبد الله بن مسعود، المحدث: أبو داود، في: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 3910 |
↑6 | البيهقي، الجامع لشعب الإيمان، الجزء 2، الصفحة 396 |
↑7 | القرطبي، تفسير القرطبي، الجزء 6، الصفحة 60 |
↑8 | القرافي، الذخيرة، (13/254) |
↑9 | ابن القيم، مفتاح دار السعادة، الجزء 3، الصفحة 1485 |