الشرك الاكبر موضوعٌ من المواضيع التي يكثر عليها الحديث نظراً لخطورته، وبالموازاة مع ذلك يقوم للأسف بعض الناس بممارساتٍ تدخل في إطار الشرك الأكبر.
فما هو الشرك الأكبر؟ وما حكمه في الإسلام؟ وما مدى وتجليات خطورته؟
جدول المحتويات
حكم الشرك الاكبر
الشرك الاكبر هو أعظم ما قد يرتكبه المسلم من ذنوب، وهو أمر بليغ الخطورة شرعاً، وفاعله كافرٌ والعياذ بالله.
تفصيل حكم الشرك الأكبر
الشرك الاكبر هو أعظم ما نهى عنه الله عِباده، حيث قرن الله تعالى “النهي عن الشرك” بأعظم ما أمر به، وهو العبادة الخالصة له. يقول عز وجل في محكم تنزيله:
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا) [1]سورة النساء، الآية: 36
كما أن الشرك الاكبر يعد أول المحرمات التي حرمها تعالى على عبادة، وذلك لقوله عز وجل:
(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)[2]سورة الأنعام، الآية: 151
اقرأ أيضاً: حكم التمائم في الاسلام
تعريف الشرك الاكبر
الشرك الاكبر هو أن يتخذ الإنسان شريكا أو ندا لله تعالى في ألوهيته أو ربوبيته أو أسمائه وصفاته.[3]اقتضاء الصراط المستقيم، (2/226) — الاستقامة، (1/344) — مدارج السالكين، لابن القيم (1/348)، مجموع مؤلفات السعدي، (8/176)
للشرك الأكبر أشكال وأمثلة عديدة، ومنها أن يعتقد المرء أن غير الله يستحق العبادة، أو أن يذبح لغير الله أو الدعاء والتوسل لغير الله والاعتقاد بقدرته على الاستجابة. [4]خالد عبد اللطيف، منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى، الجزء 1، الصفحة 93
خطورة الشرك الاكبر
في الفقرة السابقة قلنا ووضحنا أن الشرك الأكبر ذنبٌ عظيم، وقد نهى عنه الله في مواضع كثيرة في كتابه الحكيم.
ولا شك أن عملاً كهذا وبهذه الدرجة من النهي والتذكير والتكرار له خطورة كبيرة على العباد، لذلك جاء التحذير منه باستمرار.
وتتجلى خطورة هذا الفعل في مجموعة من النقاط سيتم توضيحها في الفقرة القادمة، وهي كالتالي:
اقرأ أيضاً: حكم صيام يوم الشك
الشرك الاكبر يحبط الأعمال
يقول الله تعالى في محكم تنزيله:
(وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [5]سورة الأنعام، الآية: 88
وقال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية، أن الأنبياء بعظمة قدرهم لو أشركوا مع الله أحداً لحبطت أعمالهم، وذهب عنهم أجرها.[6]ابن جرير، تفسير ابن جرير، الجزء 9، الصفحة 387
وهو ما يبين مدى خطورة الشرك الاكبر والعياذ بالله.
الشرك الاكبر جريمة
المشرك بالله تعالى ارتكب بهذا الشرك أعظم جريمة، وأفظع ظلم، قال اللهُ تعالى:
(وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) [7]سورة النساء، الآية: 48
ويقول الإمام السعدي في هذه الآية أن أعظم ظلم هو أن يساوي الإنسان بين الله تعالى وبين مخلوق من المخلوقات، حيث أن المخلوقات مهما بلغت قوتها إلا أنه يعتريها النقص، والله كامل مثالي لا يعتريه أي نقصان.[8]الإمام السعدي، تفسير السعدي، الصفحة 182
شاهد أيضاً: حكم تقبيل المصحف
هل المشرك لا يغفر له
لا يغفر الله عز وجل للمشركين، حيث أنه قال في محكم كتابه:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ) [9]سورة النـساء، الآية: 48
ويقول الإمام الشوكاني في حديثه عن هذه الآية أن لا خلاف بين فقهاء الإسلام على أن المشرك إذا مات وهو مشرك فلا يدخل في أهل المغفرة التي تكرم بها الله على غير أهل الشرك حسب ما تقرّه وتقتضيه مشيئته عز وجل. [10]الشوكاني، تفسير الشوكاني، الجزء 1، الصفحة 549
شاهد كذلك: الحلف بغير الله
المشرك خالد في النار
الشرك الاكبر يقود إلى الخلود في النار، وفي هذا الموضوع أقوال كثيرة لكبار العلماء ممن يذهبون إلى أن المشرك بالله خالدٌ ومخلَّد في النار، ويستندون إلى الآيات الكثيرة التي جاءت في هذا الباب.
قال اللهُ تعالى:
(إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) [11]سورة المائدة، الآية: 72
وقال الإمام أحمد بن حنبل:
“يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل، جاحدا بها…” [12]ابن حنبل، طبقات الحنابلة، الجزء 1، الصفحة 343
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
“من أعظم الاعتداء والعدوان والذل والهوان: أن يدعى غير الله؛ فإن ذلك من الشرك، والله لا يغفر أن يشرك به، وإن الشرك لظلم عظيم…”[13]ابن تيمية، الرد على البكري، الجزء 1، الصفحة 210
وهو ما عليه إجماع علماء الإسلام.
ختاماً نسأل الله تعالى أن يثبتنا على دين الحق وأن ينجينا من الشرك والفتن، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
طالع كذلك: حكم الصيام دون نية
ـــ ولمتابعة صفحتنا الرسمية عبر فايسبوك: اضغط هنا ــــ
دين – مرجعي:
المصادر
↑1 | سورة النساء، الآية: 36 |
---|---|
↑2 | سورة الأنعام، الآية: 151 |
↑3 | اقتضاء الصراط المستقيم، (2/226) — الاستقامة، (1/344) — مدارج السالكين، لابن القيم (1/348)، مجموع مؤلفات السعدي، (8/176) |
↑4 | خالد عبد اللطيف، منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى، الجزء 1، الصفحة 93 |
↑5 | سورة الأنعام، الآية: 88 |
↑6 | ابن جرير، تفسير ابن جرير، الجزء 9، الصفحة 387 |
↑7 | سورة النساء، الآية: 48 |
↑8 | الإمام السعدي، تفسير السعدي، الصفحة 182 |
↑9 | سورة النـساء، الآية: 48 |
↑10 | الشوكاني، تفسير الشوكاني، الجزء 1، الصفحة 549 |
↑11 | سورة المائدة، الآية: 72 |
↑12 | ابن حنبل، طبقات الحنابلة، الجزء 1، الصفحة 343 |
↑13 | ابن تيمية، الرد على البكري، الجزء 1، الصفحة 210 |