الانسولين الخنزيري علاجٌ يتم وصفه لبعض المرضى، والإسلام لا شكّ أنه قد حرّم أكل لحم الخنزير، فما قول الشرع في التداوي بالأنسولين المستخلص من الخنزير؟
فلنتابع الإجابة….
جدول المحتويات
حكم الانسولين الخنزيري
التداوي بالأنسولين الخنزيري يجوز شرعاً في حال تعذر إيجاد بديل حلال كالانسولين البشري أو البقري، وفي حال وجود هذا البديل وتناسبه مع حالة المريض فيحرم على المريض استعمال الانسولين الخنزيري.
تفصيل حكم الانسولين الخنزيري
يجوزُ شرعاً للمسلم التَّداوي بالأنسولين المستخلص مِن حيوانِ الخِنزيرِ للضَّرورةِ، شريطة أن لا يكون هناك أي دواء آخر يؤدي نفس دوره، وبهذا القول أفتى مَجمَعُ الفِقه الإسلاميُّ، وأفتت به هَيئةُ كِبار العُلَماء.
فالمسلم المريض يجوز له استخدام الانسولين الخنزيري إذا لم يتوقر علاج آخر حلال، أما إذا توفر فحرام عليه استخدام الانسولين الخنزيري.
فقد جاء في أبحاثِ مَجمَعِ الفِقهِ الإسلاميِّ ما يلي:[1]أبحاث الدورة التاسعة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، (91/3)
“كما قد يُباحُ استِخدامُ موادَّ مُستخرَجةٍ مِن الخنزيرِ، مثل الهيبارين «عقار يُسَبِّبُ سيولةَ الدم»، أو صمَّامات قلبيَّة من الخنزيرِ عند فَقْدِ البديل، أو أنسولين خنزيري عند فَقدِ البديل، أو وجودِ حَساسية شديدة للأنسولين البقري، والأنسولين الإنسانيُّ غيرُ متوفِّرٍ؛ لغلاءِ ثَمَنِه، كما يحدثُ في بعضِ البلادِ الفَقيرةِ في أفريقيا”
وفي قرارِ هيئةِ كِبار العُلَماء جاء:[2]قرار هيئة كبار العلماء، رقم (136)، تاريخ 20/6/1407 هـ. فتاوى الطب والمرضى، الصفحة 212
” وقد رأى المجلِسُ بعد الدارسةِ والعنايةِ، وفي ضَوءِ الأدلَّةِ المذكورة: أنَّه لا مانِعَ مِن استِعمالِ الأنسولين المنوَّه عنه في السؤالِ لعلاجِ مَرضى السُّكَّر، بشَرطَينِ: أوَّلُهما: أن تدعوَ إليه الضَّرورةُ. وثانيهما: ألَّا يُوجَدَ بديلٌ يُغني عنه ويقومُ مَقامَه، وقد توقَّف فضيلةُ الشَّيخِ عبدِ الله بنِ غُدَيَّان في الموضوعِ”
شاهد أيضاً: حكم تقبيل المصحف
الأدلة في الانسولين الخنزيري
يستند علماء الإسلام في الأخذ بجواز استعمال الانسولين الخنزيري على قوله تعالى:
(وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) [3]سورة الأنعام، الآية 119
ووجه الدلالة في هذه الآية هو أن الله تعالى قال (إلا ما اضطررتم إليه)، وغياب البديل عن الانسولين يمكن إدخاله في هذا الإطار، وبه يجوز استخدامه. [4]حاشية ابن عابدين، الجزء 1، الصفحة 210
ويقول عز وجل في آية أخرى:
(إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [5]سورة النحل، الآية 115
وهذه الآية تبيح للمسلم الأكل من لحم الخنزير عند الضرورة، واستخدام الانسولين المستخلص من الخنزير يقوم مقام أكله للضرورة. [6]شرح مختصر الطحاوي، الجزء 6، الصفحة 393[7]القرطبي، تفسير القرطبي، الجزء 2، الصفحة 231
وفي جانب آخر، يرى علماء الاسلام أن استخدام هذا الدواء يدفع المفسدة والضرر، حيث أن دفع المفسدة وجلب المصلحة أولى مقاماً من اجتناب النجاسة.[8]العز بن عبد السلام، قواعد الأحكام في مصالح الأنام، الجزء 1، الصفحة 95
اقرأ أيضاً: حكم التمائم في الاسلام
الانسولين الإنساني والبقري
رأينا في الفقرة السابقة أن الأصل في استخدام الانسولين الخنزيري هو التحريم عند توفر البديل، والإباحة عند انعدام دواء بديل، والدواء البديل هو الانسولين الإنساني أو البقري.
وفي حكم استخدام الانسولين البشري والبقري أفتى مجمع الفقه الإسلامي بجواز التداوي به. [9]مجمع الفقه الإسلامي، أبحاث الدورة 19 لمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، (91/3)
وبالتالي فالمسلم المريض يجب أن يبحث في باب أولى عن الأنسولين البشري أو البقري، وإن تعذر عليه ايجاده أو لم يتوافق مع حالته يجوز له حينها استخدام الانسولين الخنزيري.
والله تعالى أعلى وأعلم.
وبالمناسبة يمكنكم الاطلاع على مقال طبي شامل حول: مقاومة الانسولين وطرق الوقاية والعلاج.
طالع كذلك: هل السواك يفطر ؟
شاهد كذلك: الحلف بغير الله
دين – مرجعي:
المصادر
↑1 | أبحاث الدورة التاسعة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، (91/3) |
---|---|
↑2 | قرار هيئة كبار العلماء، رقم (136)، تاريخ 20/6/1407 هـ. فتاوى الطب والمرضى، الصفحة 212 |
↑3 | سورة الأنعام، الآية 119 |
↑4 | حاشية ابن عابدين، الجزء 1، الصفحة 210 |
↑5 | سورة النحل، الآية 115 |
↑6 | شرح مختصر الطحاوي، الجزء 6، الصفحة 393 |
↑7 | القرطبي، تفسير القرطبي، الجزء 2، الصفحة 231 |
↑8 | العز بن عبد السلام، قواعد الأحكام في مصالح الأنام، الجزء 1، الصفحة 95 |
↑9 | مجمع الفقه الإسلامي، أبحاث الدورة 19 لمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، (91/3) |