حكم تناول المخدرات آفة تفتك بالشباب، ويتزايد الإقبال عليها وعلى استهلاكها للأسف، رغم كل الخطابات التي يتم نهجها لمحاربة هذه الظاهرة، فما رأي الشرع فيها؟ وما حكمها؟
وبالمناسبة، يمكنكم أيضاً: معرفة حكم شرب الخمر في الاسلام.
حكم تناول المخدرات في القرآن الكريم
حكم تناول المخدرات وباتفاق أهل العلم حرام، ويدخل في هذا الحكم كل أصناف وأنواع المخدرات.
تفصيل حكم تناول المخدرات
تناول المخدرات بجميع أصنافها حرام ولا يجوز، وهو قول المذهب الحنبلي[1]المرداوي، الإنصاف، (8/324) / البهوتي، كشاف القناع، (5/235)، (6/189) / ابن مفلح، المبدع، (7/417) وبعض فقهاء المذهب الشافعي[2]ابن حجر، فتح الباري، (10/45) ، وهذا القول أخذ به عدد من علماء الأمة، وأفتت به اللجنة الدائمة[3]جاء في فتوى اللجنة الدائمة: “يحرُمُ بَيعُ الحَشيشةِ وشِراؤُها واستعمالُها أكلًا وشُربًا ومَضغًا؛ لِما … Continue reading، وحكي عليه الإجماع.
قال الامام النووي رحمه الله في حكم تناول المخدرات:
“أمَّا ما يزيلُ العقلَ مِن غيرِ الأشرِبة والأدويةِ، كالبنج وهذه الحشيشةِ المعروفةِ؛ فحُكمُه حُكمُ الخَمرِ في التحريمِ ووجوبِ قَضاءِ الصَّلواتِ، ويجِبُ فيه التعزيرُ دونَ الحَدِّ” [4]الامام النووي، المجموع، (3/8)
وقال ابن تيمية:
“أكلُ هذه الحَشيشةِ الصُّلبة حرامٌ، وهي من أخبَثِ الخبائِثِ المحَرَّمة، وسواءٌ أكل منها قليلًا أو كثيرًا”[5]شيخ الاسلام ابن تيمية، مجموع الفتـاوى،(34/213)
ويقول الصنعاني:
” يَحرُمُ ما أسكَرَ مِن أيِّ شَيءٍ وإن لم يكُنْ مَشروبًا، كالحشيشةِ، ….: الحَشيشةُ محَرَّمة طاهِرةٌ، وكذا المخَدِّراتُ والسُّمومُ القاتلةُ”[6]الامام الصنعاني، سبل السلام، (1/36)، (2/451)
شاهد كذلك: الحلف بغير الله
وفي فتوى ابن باز جاء عن حكم تناول المخدرات:
“أمَّا الأطعِمةُ والأشرِبةُ الضَّارةُ كالمُسكِراتِ والمُخَدِّراتِ وسائرِ الأطعمةِ والأشربةِ الضارَّةِ في الدِّينِ أو البَدَنِ أو العَقلِ؛ فهي من الخبائِثِ المحَرَّمةِ” [7] ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز، (12/125)
وقال ابن عثيمين في فتوة:
“…. الحشيشُ أخبَثَ مِن الخَمرِ، فإن الحشيشةَ تُسكِرُ، وهي شَرٌّ منه؛ لأنَّها تؤثِّرُ على المخِّ أكثَرَ مِمَّا يؤثِّرُ الخَمرُ، ومثل ذلك أيضًا- فيما يظهَرُ- الحُبوبُ المخَدِّرة؛ لأنَّ مضَرَّتَها عظيمةٌ، وهي أشَدُّ مِن مضَرَّةِ الخَمرِ، وفي بعضِ الدُّوَلِ غيرِ الإسلاميَّةِ يُوجِبونَ القَتلَ على مُرَوِّجِها” [8]ابن عثيمين، الشرح الممتع، (14/303)
قال الشوكاني:
“…. وإن قيل: إنَّ هذه الأمورَ المذكورةَ إنما يحصُلُ بها التفتيرُ دون السُّكرِ، فيقال: إن بلغ هذا التفتيرُ إلى حَدِّ السُّكرِ- كما يحصُلُ مِن أكلِ الحَشيشِ [وشُربِها]- فلا نزاع في أنَّ ذلك من المحَرَّماتِ، وإن لم يبلُغْ إلى ذلك الحدِّ، بل مجرَّد التفتيرِ؛ فقد ورد ما يدُلُّ على تحريمِ كلِّ مُفْتِرٍ”[9]الشوكاني، الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني، (8/4202)
تعليل حكم تناول المخدرات
اتفقنا في الفقرة السابقة على كون تناول المخدرات حراماً شرعاً، لكن على ماذا استند الفقهاء للأخذ بهذا القول؟
يعتمد علماء الاسلام أساساً في تحريم تناول المخدرات على الحديث النبوي الشريف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:
كُلُّ مُسكِرٍ خَمرٌ، وكُلُّ خَمرٍ حَرامٌ”[10]الراوي: قيس بن سعد، المحدث: الهيثمي، في مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 5/60
ووجهُ الدَّلالةِ في هذا الحديث أن لفظة (كلّ) هي لعموم المسكرات، ومن ضمنها المخدرات.
والدليل الثاني هو أن المخدرات تذهب العقل وتؤثر عليه، وكل ما يذهب العقل حرام حتى لو لم تتحقق به أي نشوة.[11]ابن تيمية، مجموع الفتـاوى، (34/211)
والدليل الثالث هو أن من المخدرات ما يسكر، وكل ما يسكر هو حرام حيث أنه يفتح باباً من الفتنة بغياب العقل، وبالتالي يحضر الفجر والفسوق والشهوة وما يلي ذلك من معاصي ودياثة ونحو ذلك. [12]شيخ الاسلام ابن تيمية، مجموع الفتـاوى، (34/211)
إذن فتناول المخدرات حرام شرعاً ولا يجوز، وفاعله آثِــم إثماً عظيما، حيث أنه يفتح عليه باب الفتنة والضياع، ويلقي بنفسه للتهلكة لما لها من آثار وعواقب وخيمة على حياته النفسية والصحية والاجتماعية أيضا، ونسأل الله العفو والعافية.
اقرأ أيضاً: حكم التمائم في الاسلام
ما المقصود بالمُخَدرات
يقصد بالمخدرات كُلُّ مادَّةٍ نباتيَّةٍ أو مُصَنَّعةٍ تحتوي في تركيبتها على أي عناصِرَ تؤدي إلى التنويم أو عناصر مُسَكِّنةٍ أو مُفَتِّرةٍ، والتي إذا تم استعمالها واستخدامها في غيرِ الأغراضِ الطِّبيَّةِ التي أُعِدَّت لها، فإنَّها تُصيبُ جسمَ متعاطيها (جسم الشخص الذي استهلكها) بالفُتورِ والخُمولِ، وتقوم بشلّ نشاطه وحركيته، كما تُصيبُ الجِهازَ العصبي المركزي، والجِهازَ التنفُّسيَّ، وكذا الجهازَ الدَّوريَّ بعددٍ من الأمراضِ المُزمِنةِ، كما يؤدِّي استهلاك هذه المواد إلى وقوع المستهلك في حالةٍ مِن التعَوُّدِ عليها، وهو ما يطلق عليه: «الإدمان». وبالتالي فهي تسبب أضرارًا كثيرة وبليغة بالصحَّةِ النَّفسيَّةِ للمستهلك، وكذا بصحته البدنيَّةِ والاجتِماعيَّةِ على وجه العموم. [13]تعريف المخدرات، الموقع الرسمي لوزارة الصحة السعودية
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
اقرأ أيضاً: الإغماء في نهار رمضان
دين – مرجعي:
المصادر
↑1 | المرداوي، الإنصاف، (8/324) / البهوتي، كشاف القناع، (5/235)، (6/189) / ابن مفلح، المبدع، (7/417) |
---|---|
↑2 | ابن حجر، فتح الباري، (10/45) |
↑3 | جاء في فتوى اللجنة الدائمة: “يحرُمُ بَيعُ الحَشيشةِ وشِراؤُها واستعمالُها أكلًا وشُربًا ومَضغًا؛ لِما فيها من الإسكارِ والمضارِّ والمفاسِدِ العظيمةِ” فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى، (22/138) |
↑4 | الامام النووي، المجموع، (3/8) |
↑5 | شيخ الاسلام ابن تيمية، مجموع الفتـاوى،(34/213) |
↑6 | الامام الصنعاني، سبل السلام، (1/36)، (2/451) |
↑7 | ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز، (12/125) |
↑8 | ابن عثيمين، الشرح الممتع، (14/303) |
↑9 | الشوكاني، الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني، (8/4202) |
↑10 | الراوي: قيس بن سعد، المحدث: الهيثمي، في مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 5/60 |
↑11 | ابن تيمية، مجموع الفتـاوى، (34/211) |
↑12 | شيخ الاسلام ابن تيمية، مجموع الفتـاوى، (34/211) |
↑13 | تعريف المخدرات، الموقع الرسمي لوزارة الصحة السعودية |