قضاء الصيام عن الميت الذي عليه قضاءٌ هو شيء يلجأ إليه البعض ممن فقدوا أحد أحبتهم، حيث يخشون عليه من عقاب الله، فهل يجوز أو يقبل قضاء الصيام عن الميت؟
فلنتابع تفصيل الجواب.
جدول المحتويات
حكم قضاء الصيام عن الميت
باتفاق أهل العلم، من مات وعليه قضاءٌ يجوز لأهله أن يقضوا الصيام عنه إذا كان بإمكان المتوفى القضاء قبل وفاته، أما إذا كان عليه قضاء ورغب في صيامه لكنه كان غير قادر عليه فلا داعي لقضاء الصيام عنه. وسيتضح الموضوع في الفقرات المقبلة.
تفصيل قضاء الصيام عن الميت
قضاء الصيام عن الميت موضوعٌ بالغ الأهمية، حيث أن الصيام دينٌ بين العبد وربه، ولابد من قضائه، ومعروفٌ أن من لم يصم شهر رمضان أو بعضاً منه وجب عليه القضاء، ولكن يحدث أن يتعذر على الإنسان القضاء بعد انقضاء شهر رمضان، ثم يتوفاه الله قبل أن يتمكن من قضاء ما عليه من صيام.
وقضاء الصيام عن الميت وضَع فيه علماء الاسلام حالتين هما:
- الحالة الأولى: تأخير القضاء حال الحياة لعذر شرعي.
- الحالة الثانية: تأخير القضاء حال الحياة كسلاً.
اقرأ أيضاً: حكم صيام يوم الشك
قضاء الصيام عن الميت الذي أخره لعذر
باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية[1]السرخسي، المبسوط، (3/160)، وينظر: الكاساني، بدائع الصنائع، (2/103) والمالكية[2]ابن عبد البر، الكافي، (1/339) والشافعية[3]الامام النووي، المجـموع، (6/372) والحنابلة[4]ابن مفلح، الفروع، (5/65)، وينظر: ابن قدامة، المغني، (3/152) ، مَن كان عليه قضاء صومٌ، ولم يتمكَّنْ مِن القضاءِ لعُذرٍ شرعي حتى مات، فلا شيءَ عليه، ولا يحتاج أهله إلى قضاء الصيام عنه أو الإطعام عنه.
أي أن المسلم إذا لم يصم يوماً أو أياماً من رمضان، وجب عليه القضاء، ولكن إذا انقضى شهر رمضان وظل ذلك المسلم مريضاً على سبيل المثال وغير قادر على القضاء إلى أن توفاه الله فلا ذنب عليه، وليس بالضرورة أن يصوم عنه أحد أفراد عائلته أو أن يُطعموا عنه مساكيناً كما يقول الشرع في القضاء.
وهذا القول هو قولُ أكثر أهل العلم، فـ قضاء الصيام عن الميت في هذه الحالة يسقط كما تسقط فريضة الحج.[5]ابن قدامة، المغني، (3/152)
يقول الإمام النووي:
“في مذاهِبِ العلماءِ فيمن مات وعليه صومٌ فاته بمَرَضٍ أو سفرٍ أو غيرهما من الأعذارِ، ولم يتمكَّن من قضائه حتى مات: ذكَرْنا أنَّ مذهَبَنا أنَّه لا شيءَ عليه ولا يُصامُ عنه، ولا يُطعَمُ عنه بلا خلافٍ عندنا، وبه قال أبو حنيفة ومالك والجمهور، قال العبدري: وهو قولُ العُلَماءِ كافَّةً إلَّا طاوسًا وقتادةَ، فقالا: يجِبُ أن يُطعَمَ عنه لكلِّ يومٍ مِسكينٌ؛ لأنه عاجِزُ، فأشبه الشَّيخَ الهَرَمَ”[6]الامام النووي، المجموع، (6/372)
والله تعالى أعلى وأعلم.
قضاء الصيام عن الميت الذي أخره دون عذر
في قضاء الصيام عن الميت الذي كان بإمكانه القضاء، يتفق علماء على أنه يقضي عنه أهله، وتحديداً ورثته.
أي أن الإنسان إذا أفطر في يوم من أيام رمضان ولم يقضي ما عليه من صوم بعد رمضان، دون مانع شرعي، أي دون أن يكون مريضاً أو يمنعه عن القضاء عذر واضح، فإنه إذا مات قبل القضاء وجب على أهله أن يقضوا عنه (أن يصوموا عنه عدد الأيام التي لم يصمها في رمضان) أو أن يفطروا عن كل يوم صيام مسكينا.
وهذا القول هو قول الشَّافعيِّ[7]الامام النووري، المجموع، (6/369)، وينظر مغني المحتاج (1/439) ، وما استقر عليه ابنُ باز [8]ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز، (15/367-368)، الموقع الرسمي لفضيلة الامام ابن باز وابنُ عثيمين[9]ابن عثيمين، الشرح الممتع، (6/450-451) والامام النووي، والذي يقول في هذا الباب:
“الصوابُ الجَزمُ بجَوازِ صَومِ الولي، سواءٌ صَومُ رمضانَ والنَّذرِ وغَيرِه من الصَّومِ الواجِبِ”[10]النووي، المجموع، (6/370)
طالع كذلك: حكم الجماع في نهار رمضان
الأدلة على قضاء الصيام عن الميت
يستند علماء المسلمين في القول بجواز قضاء الصيام عن الميت إلى عدد من الأحاديث النبوية الشريفة:
عن عائشةَ أم المؤمنين رضي اللهُ عنها أن النبي علية افضل الصلاة والسلام قال:
” مَن مات وعليه صيامٌ، صام عنه وليُّه” [11]الراوي: عائشة أم المؤمنين، البخاري، في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 1952، صحيح
وفي حديث آخر، جاء عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال:
جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ إنَّ أمِّي ماتت وعليها صومُ شَهرٍ، أفأقضيه عنها؟ قال: نعم، قال: فدَينُ اللهِ أحقُّ أن يُقضى” [12]الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: البخاري في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 1953، حكم المحدث: صحيح
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
طالع كذلك: حكم الصيام دون نية
دين – مرجعي:
المصادر
↑1 | السرخسي، المبسوط، (3/160)، وينظر: الكاساني، بدائع الصنائع، (2/103) |
---|---|
↑2 | ابن عبد البر، الكافي، (1/339) |
↑3 | الامام النووي، المجـموع، (6/372) |
↑4 | ابن مفلح، الفروع، (5/65)، وينظر: ابن قدامة، المغني، (3/152) |
↑5 | ابن قدامة، المغني، (3/152) |
↑6 | الامام النووي، المجموع، (6/372) |
↑7 | الامام النووري، المجموع، (6/369)، وينظر مغني المحتاج (1/439) |
↑8 | ابن باز، مجموع فتاوى ابن باز، (15/367-368)، الموقع الرسمي لفضيلة الامام ابن باز |
↑9 | ابن عثيمين، الشرح الممتع، (6/450-451) |
↑10 | النووي، المجموع، (6/370) |
↑11 | الراوي: عائشة أم المؤمنين، البخاري، في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 1952، صحيح |
↑12 | الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: البخاري في صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 1953، حكم المحدث: صحيح |