تعمل المراكز البحثية في الآونة الأخيرة للبحث عن حقائق حول اضطراب الإدمان على الطعام بسبب ارتفاع معدّلات السمنة في العالم، وما يترتب على ذلك من تأثيرات خطيرة على الصحة العامة، ناتجة عن مضاعفات السمنة، وما لها من مخاطر اقتصادية، ومن خلال هذا المقال نعرض نتائج هذه الأبحاث وما يتعلّق بهذه المشكلة من حقائق علمية.
جدول المحتويات
ما هو تعريف الإدمان على الطعام ؟
يتم تعريف اضطراب الإدمان على الطعام بأنه ذلك السلوك الاضطراري الذي يجعل الإنسان أشبه بمدمن العقاقير فيما يخص تناول الطعام، وعادة ما يدمن هؤلاء تناول أغذية معينة مثل الأغذية الدسمة أو الحلوة المذاق.
وتشير الدراسات إلى أن من يعانون من اضطراب الإدمان على الطعام يسلكون مسلكًا اضطراريًا في البحث عن مبتغاهم حيث يشعرون بالرغبة العارمة في الأكل كما يحدث لمن يدمن على عقار من العقاقير أو على الكحول على سبيل المثال.
ومع ذلك لم تضع أيٍ من المراكز البحثية هذه الحالة ضمن الاضطرابات المرضية التي يتم تشخيصها سريرًا، ولكن هناك بعض الأعراض المتلازمة التي يمكن تصنيفها ضمن هذه الحالة مثل:
- الأكل إضطراريًا وحتى مع غياب الشعور بالجوع.
- اشتهاء الأغذية الدسمة والتي تحتوي على نسبة عالية من السكر والسعرات الحرارية.
- صعوبة التحكّم في كميات الأكل التي يتناولها الإنسان,
- الأكل الانفعالي أي الأكل للشعور بالراحة والأمان.
اقرأ أيضًا: فوائد بذور الكينوا للتخسيس
هل اضطراب الإدمان على الطعام حقيقية علمية؟
وجدت الكثير من الدراسات التي أجريت منذ عام 2009 وحتى يومنا هذا أن الطعام يحفز المراكز العصبية التي تحفّزها المواد المسببة للإدمان في الدماغ، وحدد العلماء ثلاثة مناطق في المخ تشارك في هذه العملية هي منطقة الحصين ومنطقة الذنب ومنطقة الجزيرة.
ومثله مثل المواد المسببة للإدمان، يحفز الطعام إنتاج عدة هرمونات تتعلق بنظام المكافئة في الجسم، أو الدائرة الحوفية المتوسطة الموجودة في الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن الشعور بالرغبة والعوز، والاشتهاء الملّح.
ويعتبر الخبراء أن مشكلة الإدمان على الطعام لا تتعلق بمقدار ما يستهلكه الإنسان من غذاء، ولكن برغبته الدائمة، واشتهاءه المستمر وبحثه عن الطعام طوال الوقت، وكلها سلوكيات يظهرها المدمنون على تعاطي المواد المخدرة.
اقرأ أيضًا: فواكه صيفية غنية بالألياف للرجيم
كيف يدمن الإنسان الطعام؟
ويرجع ذلك إلى أن سلوك المدمن يجعله يسعى للحصول على أشياء تثير المراكز العصبية الخاصة بالمكافئة لديه، وحتى ولو لم يرغب حقيقة في تلك الأشياء أو كان يعلم بمدى ضررها عليه وعلى صحته وحالته الاقتصادية.
وعلى سبيل المثال: قد يشتهي الناس المشروبات الغازية، ليس لأنهم يفضلونها ولكن لأنها تحفّز إنتاج الدماغ للدوبامين الذي يشعرهم بحال أفضل فيرغبون في تجربة هذا الشعور مرات عديدة ويشربون المزيد منها.
وبهذا المفهوم يمكن إدراج اضطراب الإدمان على الطعام كأحد أسباب السمنة المحتملة، وأحد أهم أسباب زيادة الوزن، وما يترتب على ذلك من مضاعفات صحية عديدة.
ووجدت دراسة أن الإدمان على الطعام هو حالة شائعة لدى الأشخاص الذين يجرون جراحات علاج السمنة بأنواعها المختلفة.
اقرأ أيضًا: حمية الصوم المتقطع ومرضى السكر
الإدمان على الطعام يثير الجدل على الساحات العلمية
بالرغم من وجود الكثير من الأبحاث التي تدعم فرضية الإدمان على الطعام، إلا أن اعتباره حالة سريرة مسألة تثير الجدل في الأوساط العلمية ويرجع ذلك للتالي:
- كيفية تعامل المخ مع الغذاء مقارنة بتعامل المخ مع المواد المخدرة: تشير العديد من الدراسات إلى أن الدماغ يتعامل مع الطعام بنفس طريقة تعامله مع المواد المخدرة، ولكن يبقى السؤال الأهم: هل الطعام مضر بالصحة؟ فالطعام مثله مثل المخدرات يثير مراكز المكافئة في المخ، إلا أن الطعام ليس له نفس التأثيرات الضارة التي يمكن أن تسببها العقاقير والمخدرات. كما أن الطعام هو أمر يومي وضروري ليعيش الإنسان حياته ويمكن لأي إنسان أن يسرف في تناوله من حين إلى آخر، ولذلك يكون تحديد ما هو الأكل الطبيعي وما هو الذي يمكن وصفه بالإدمان أمرًا صعب التحقيق.
- معرفة ما هو الغذاء الذي يسبب الإدمان: يمكن ببساطة معرفة ما إذا كان الإنسان يأكل غذاءًا صحيًا أو ضارًا بالصحة، وما إذا كان يفرط في تناول الطعام أو يتناوله باعتدال، ولكن لوصف الإدمان على الطعام يجب أن نتعرّف على نوع الغذاء الذي يمكن التعامل معه كمسبب للإدمان.
دراسات حول الغذاء الذي يسبب الإدمان
تشير الدراسات إلى أن الأغذية الدسمة والتي تحتوي عل نسب عالية من السكر والوجبات السريعة هي التي يمكن أن تحفّز ظهور السلوك الإدماني على الطعام.
بينما يعتقد البعض الأخر أن نسبة السكر هي المسبب للإدمان على الطعام، وخاصة عندما تصل كميات كبيرة منه إلى الأمعاء.
استساغة الطعام والإدمان على الطعام كلاهما يسببان السمنة
لقد ربط الكثير من الباحثين بين الإصابة بالسمنة ومشكلة استساغة الطعام أو الإدمان على الطعام، كما أن بعض الأبحاث قد ربطت بين الإصابة بالإدمان على الطعام وبعض الإضطرابات الغذائية مثل الشراهة.
ولا يعني ذلك أن كل من يعاني من الشراهة لابد وأن يصاب بالسمنة، أو أن كل من هو مصاب بالسمنة يعاني من الشراهة أو الإدمان.
أما استساغة الطعام فلم تكن بالضرورة سببًا للأكل بشراهة أو الإصابة بالسمنة، فاستساغة الطعام ليست قاصرة على الأغذية الدسمة والسكرية، ولكن يمكن للإنسان أن يستسيغ أغذية صحية ومفيدة ولا تسبب السمنة.
كيف تقي نفسك من مشكلة الإدمان على الطعام ؟
عليك أن تتجنب السلوكيات الغير صحيحة المرتبطة بتناول الطعام إذا أردت أن تقي نفسك من الإدمان على الطعام أو كنت تعاني من المشكلة بالفعل وترغب في الإقلاع عنها، وأهم هذه السلوكيات:
- تعديل نمط حياتك الغذائي، وذلك عبر تجنب التواجد في بيئة عامرة بالأغذية الغير صحية حيث يمكن لرؤية هذه الأغذية والتعرض لرائحتها أن يتسبب لك في الشراهة والإدمان.
- عليك أن تقوم بتقسيم الوجبات وتحدد لنفسك كميات محددة في طبق صغير لتجنب الشراهة.
- ركز على الأنشطة الاجتماعية في حياتك والمشاركات البشرية بدلًا من التركيز على الطعام.
- ضع الفاكهة والخضر في متناول يدك وتناول منها عند الشعور بالجوع أو بالرغبة في أغذية سكرية.
طريق الألف ميل يبدأ بخطوة لعلاج اضطراب الإدمان على الطعام
إن علاج اضطراب الإدمان على الطعام لا يتم في لحظة، ولكن يجب أن يتم عبر اتباع خطوات صغيرة نحو الهدف، وإحداث تغييرات بسيطة في نظامك الغذائي وجعلها نمط معيشي.
والعلاج ليس قاصرًا على اتباع حمية من الحميات الغذائية الشائعة، فالكثير ممن فعلوا ذلك استعادوا الوزن المفقود وأكثر بعد التوقف عن الالتزام بحميتهم، وذلك لأن نمطهم الغذائي وعاداتهم الغذائية لم يطالها التغيير.
وبدلًا من الالتزام بحمية عليك أن تجري تعديلات صغيرة وتلتزم بها بشكل دائم، وأن تشغل نفسك بأنشطة أخرى مفيدة، مثل ممارسة الرياضة والقراءة، والقيام بنشاط فني، أو غيرها من الأعمال التي يمكنها أن تشغل تفكيرك عن الطعام.
طرق علاج الإدمان على الطعام
هناك العديد من الأساليب المتبعة حاليًا للتعامل مع اضطراب الإدمان على الطعام، حيث يتم علاجه مثل أي نوع أخر من الإدمان من خلال التالي:
- طريقة الإثنى عشر خطوة: وهي برنامج علاجي يوفر لك التواصل مع بعض أقرانك وبعض الموجهين ممن يمكنهم مساعدتك في التغلب على إدمان الطعام.
- العلاج السلوكي المعرفي لاضطراب الإدمان على الطعام: ويتم بواسطة اختصاصي نفسي أو اختصاصي تغذية يمكنه مساعدتك في التغلب على إدمان الطعام.
- العلاج الدوائي: ويتم من خلال علاج المشكلات النفسية والعقلية التي تؤدي للإصابة بمشكلة الإدمان على الطعام.